فإن كان لاجل احتمال وجود قرينة فلا خلاف في أن الاصل عدمها (١) ، لكن الظاهر أنه معه يبنى على المعنى الذي لولاها كان اللفظ ظاهرا فيه ابتداء ، لا أنه يبنى عليه بعد البناء على عدمها ، كما لا يخفى (٢) ،
______________________________________________________
(١) قد عرفت انه اذا قطعنا بالظهور وقطعنا بعدم القرينة فالظهور حجة ، وان احتمال عدم ارادته منفي باصالة الظهور. واما مع عدم القطع فتارة : يكون الشك لاجل احتمال وجود قرينة قد صدرت من المتكلم ولكنها لم تصل الينا ، ولو وصلت الينا لكان للكلام ظهور آخر غير الظهور الفعلي ، فهذا الظهور الفعلي انما هو حيث تنفى القرينة وهو المسمى بالظهور اللولائي : أي الظهور الذي لو كانت القرينة واصلة لم يكن هذا الظهور الفعلي بموجود بل كان الظهور الفعلي غيره ، فلو قال المولى جئني بأسد واحتملنا وجود قرينة قد صدرت منه وهي مثل قوله يحمل سيفه ولكنها قد سقطت ولم تصل ، فان الشك ابتداء وان لم يكن في ظهور لفظ الأسد في الحيوان المفترس ، الّا انه لو كانت القرينة واصلة لا وجبت كون لفظ الأسد ظاهرا في الرجل الشجاع لا الحيوان المفترس ، فالشك في وجود القرينة يوجب الشك في ظهور لفظ الأسد في الحيوان وان لم يكن الشك في قالبية لفظ الأسد للحيوان ، فان لفظ الأسد انما يكون له ظهور في الحيوان حيث لا تكون القرينة فهو ظهور لو لا القرينة ، وقد انتهى الشك مع احتمال القرينة الى الشك في ظهور لفظ الأسد في الحيوان المفترس ، ولا اشكال عند العقلاء في البناء على عدم قدح هذا الاحتمال في الاخذ بالظاهر وحمل لفظ الأسد على الحيوان المفترس ، وهذا مراده بقوله : «فلا خلاف في ان الاصل عدمها».
(٢) قد عرفت انه لا اشكال في عدم قدح هذا الاحتمال والبناء على عدم القرينة ، ولكن الاشكال في ان عدم اعتنائهم بهذا الاحتمال هل هو لبنائهم على اصالة الظهور والاخذ بهذا الظهور اللولائي كما ذهب اليه المصنف؟ او لبنائهم على اصالة الحقيقة وبعد البناء عليها يتم الظهور عندهم وياخذون به كما يظهر من صاحب