.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : ان المستفاد من هذه الآيات هو النهي الامضائي لما يراه العقلاء غير حجة من الظنون ، فهذه ادلة امضائية لا تاسيسية ، واذا كانت امضائية لما لا يراه العقلاء حجة فما يراه العقلاء حجة خارج موضوعا ، والخبر الواحد حيث انه مما يراه العقلاء حجة فبواسطة بنائهم على حجيته يكون خارجا موضوعا عن هذا النهي الامضائي.
والجواب عنه : ان الموضوع في هذه الآيات هو عدم العلم وهو مما يشمل عدم العلم الذي يعمل به العقلاء وعدم العلم الذي لا يعمل به العقلاء ، فيكون بالنسبة الى ما لا يعمل به العقلاء امضاء وبالنسبة الى ما يعمل به العقلاء تاسيس وردع لهم ، ومما يقرّب عدم اختصاصها بالامضاء انه وردت ردعا لعمل اهل الجاهلية ، وكون اهل الجاهلية كلهم من غير العقلاء بعيدا ، فكون ادلة حجية الخبر واردة غير واضح الوجه ، ويكفي في الجواب هو كون ادلة اعتبار الخبر مخصّصة لهذه الآيات ، لوضوح شمولها للظن بالاصول وللظن بالفروع الحاصل من غير خبر الثقة وللظن الحاصل من خبر الثقة ، فالادلة الدالة على حجية خصوص الظن الحاصل من خبر الثقة اخص منها فتكون مخصّصة لها ، ولذا قال (قدسسره) : «فهي مخصّصة بالادلة الآتية» الدالة «على اعتبار الاخبار».
نعم لا يبعد دعوى كون الادلة الدالة على حجية الخبر حاكمة على هذه الآيات ، لان المتحصّل من هذه الآيات عدم اتباع غير العلم وعدم اغناء الظن ، والادلة الدالة على اعتبار الخبر وردت بلسان ان خبر الثقة علم تنزيلا كقوله عليهالسلام : (ما حدثا عني فعني يحدثان) فانه يدل على ان حديث العمريين بمنزلة حديثه وحديثه عليهالسلام يوجب العلم ، فحديث العمري وابنه مما يوجب العلم ، وحيث ان حديثهم لا يوجب العلم واقعا فيكون الدليل الدال على حجية قولهما بلسان انه علم حاكما على الآيات الناهية على اتباع غير العلم ، وحاكما على ما دل على ان الظن لا يغني لأنه جعله علما.