هذا مع أن الفعل المتجرئ به أو المنقاد به ، بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختياريا ، فإن القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي ، بل لا يكون غالبا بهذا العنوان مما يلتفت إليه ، فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا؟ ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا؟ ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلا إذا كانت اختيارية (١).
______________________________________________________
الالتزام ببقاء الفعل المتجرى به على ما هو عليه من عنوانه الواقعي وما له من مصلحة او مفسدة كذلك ، ولا يتغير بسبب التجري به عما هو عليه مما له واقعا.
وقد اشار الى النحو الاول بقوله : «ضرورة ان القطع بالحسن او القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات التي بها يكون الحسن والقبح عقلا» لما عرفت من كون ما ليس بمخل بالنظام واقعا لا يكون مخلا به فعلا بواسطة القطع بكونه مخلا به خطأ.
وقد اشار الى النحو الثاني بقوله : «ولا ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعا ضرورة عدم تغير الفعل عما هو عليه من المبغوضية والمحبوبية للمولى بسبب قطع العبد بكونه محبوبا» وهو مبغوض للمولى واقعا «او» بسبب قطع العبد بكونه «مبغوضا له» أي للمولى وهو محبوب له واقعا ، ثم ايضاحا لذلك مثل مثالا لبقاء الفعل على ما هو عليه واقعا سواء في الانقياد او التجري ، وانه لا يتغير واقعا عما هو عليه بسبب القطع بخلاف ما له من عنوانه الواقعي وهو قوله «فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضا له ولو اعتقد العبد بانه عدوه» فقتله انقيادا له «وكذا قتل عدوه مع القطع بانه ابنه» فقتله العبد متجريا عليه «لا يخرج عن كونه محبوبا» للمولى لانه عدوه واقعا.
(١) هذا هو الدليل الثاني الذي اقامه على بقاء الفعل المتجرى به او المنقاد به على ما هو عليه مما له من العنوان الواقعي.