وجوه (١) : أظهرها أنه من جهة مفهوم الشرط ، وأن تعليق الحكم بإيجاب التبين عن النبأ الذي جيء به على كون الجائي به الفاسق ، يقتضي انتفاؤه
______________________________________________________
فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١) في سورة الحجرات وهي النازلة في الوليد بن عقبة في قضية بني المصطلق ، وهم فئة من خزاعة على ما في مجمع البحرين لما بعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأخذ صدقاتهم فخرجوا اليه فرحين بلقائه فظن الوليد انهم انما خرجوا ليقتلوه لعداوة كانت بينه وبينهم في الجاهلية فرجع الى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له انهم منعوا صدقاتهم ، فهمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بان يغزوهم فنزل الوحي عليه بهذه الآية.
(١) قد استدلوا بهذه الآية على حجية خبر العادل من وجوه :
منها : مفهوم الوصف فان وجوب التبيّن قد علّق على وصف الفسق ، فيدل بمفهومه على عدم وجوب التبيّن عن النبأ اذا لم يكن الجائي به فاسقا.
وحاصله : ان الوصف المعلق عليه الحكم هو العلة المنحصرة له فيدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف ، ولما كان لزوم التبيّن معلّقا على وصف الفسق للمخبر ، فاذا انتفى وصف الفسق عن المخبر بأن كان عادلا فينتفي لزوم التبيّن عند اخباره فلا يجب التبيّن عن الخبر اذا كان المخبر به عادلا.
وفيه : ان الوصف لا مفهوم فيه لعدم دلالته على العلية المنحصرة التي لا مفهوم مع عدمها ، بل لا دلالة له على العلية فضلا عن الانحصار وانما له اشعار بالعليّة ، وخصوصا في الآية المباركة فانه يحتمل ان يكون وصف الفسق قد ذكر لا لتعليق وجوب التبيّن عليه ، بل للتنبيه على فسق الوليد فلا يلزم لغوية ذكره اذا لم يكن علة للحكم.
__________________
(١) الحجرات : الآية ٦.