إن قلت : إذا لم يكن الفعل كذلك ، فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفة القطع ، وهل كان العقاب عليها إلا عقابا على ما ليس بالاختيار (١)؟
قلت : العقاب إنما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان ، لا على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار (٢).
______________________________________________________
(١) حاصله : ان المتجري وهو القاطع المخطئ في قطعه من الواضح انه لم يشرب خمرا ليكون فاعلا لما هو الحرام واقعا ومخالفا للمولى بارتكابه للمنهي عنه واقعا ، وانما شرب ماء لا خمرا ، وشرب الماء بما هو مقطوع بكونه خمرا لا عقاب عليه لكونه غير اختياري بهذا العنوان غالبا كما مر ، ولم يفعل المتجري الا فعلا واحدا وهو ليس بشرب للخمر واقعا ولا يستحق العقاب عليه بما هو مقطوع الخمرية ، فلم يصدر من المتجري فعل يستحق عليه العقاب اصلا لعدم شربه الخمر ، ولكون العقاب على شرب ما قطع بكونه خمرا عقابا على ما لا بالاختيار فلا وجه للقول باستحقاق المتجري للعقاب ، وحيث ان المتجري هو المخطئ في قطعه فلا يكون ما شربه القاطع خمرا واقعا ، ولوضوح هذا لم يشر اليه وانما اشار الى عدم عقابه على مخالفة القطع بما هو مخالفة القطع بقوله : «اذا لم يكن الفعل كذلك» أي اذا لم يكن الفعل معاقبا عليه بما هو مقطوع به «فلا وجه لاستحقاق المتجري العقوبة على مخالفة القطع» لكون مخالفة القطع بما هي مخالفة القطع غير اختيارية ، ولذا قال : «وهل كان العقاب عليها الا عقابا على ما ليس بالاختيار».
(٢) حاصله : ان العقاب ليس على الفعل حتى يرد هذا الاشكال من كون الفعل المتجرى به ليس بخمر واقعا وبعنوان كونه مقطوعا به ليس باختياري غالبا فلا وجه للعقاب ، فان العقاب انما هو على قصد العصيان والعزم على الطغيان لا على الفعل المتجرى به حتى يرد الاشكال المذكور.