إن قلت : إن القصد والعزم إنما يكون من مبادئ الاختيار ، وهي ليست باختيارية ، وإلا لتسلسل (١).
قلت : مضافا إلى أن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار ، إلا أن بعض مبادئه غالبا يكون وجوده بالاختيار ، للتمكن من عدمه بالتأمل فيما يترتب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمة (٢).
______________________________________________________
(١) حاصله : ان العقاب اذا كان على ما يصدر بالاختيار فكيف يمكن الالتزام بالعقاب على نفس ارادة الفعل المتجرى به ، فان الارادة من مبادئ الفعل الاختياري وهي نفس الاختيار التي بها يكون الفعل اختياريا ، واما نفس الاختيار فلا يعقل ان يكون اختياريا وإلّا لزم التسلسل ، لوضوح ان اختيارية نفس الاختيار اذا كانت موقوفة على الاختيار فننقل الكلام الى ذلك الاختيار التي صار نفس الاختيار الآخر به اختياريا ، فانه لا فرق بين اختيار واختيار ، فاذا كان الاختيار الآخر محتاجا في اختياريته الى الاختيار فالاختيار السابق عليه مثله وهلم جرا فيلزم التسلسل ، فلا يعقل ان يكون اختيارية الاختيار موقوفة على الاختيار ، لان حكم الامثال واحد ، ولذا قال : «ان قلت ان القصد والعزم انما يكون من مبادئ الاختيار» أي ان العزم والقصد من مبادئ الفعل الاختياري «وهي» أي مبادئ الفعل الاختياري نفسها «ليست باختيارية» أي لا يعقل ان تكون هي ايضا اختياريتها موقوفة على الاختيار «وإلّا لتسلسل» كما عرفت.
والحاصل : ان الالتزام بالعقاب على نفس الارادة التي هي نفس الاختيار التزام بالعقاب على ما ليس بالاختيار ، فلا يعقل ان يكون معنون الهتك والطغيان نفس الارادة والقصد ، لبداهة لزوم كون معنون الحسن والقبح أو الواجب والحرام أمرا اختياريا.
(٢) اجاب (قدسسره) عن الاشكال بجوابين : الاول : ما اشار اليه بقوله : مضافا ، الثاني ما اشار اليه بقوله : يمكن ان يقال.