أولا : إنه إنما مدحه بأنه أذن ، وهو سريع القطع ، لا الاخذ بقول الغير تعبدا.
وثانيا : إنه إنما المراد بتصديقه للمؤمنين ، هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم ولا تضر غيرهم ، لا التصديق بترتيب جميع الآثار ، كما هو المطلوب في باب حجية الخبر (١) ، ويظهر ذلك من تصديقه للنمام بأنه ما
______________________________________________________
«مدح نبيه بانه يصدق المؤمنين» بقوله تعالى (هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ، وأكد ذلك حيث «قرنه بتصديقه تعالى» وهو كما انه دليل على المدح ودليل ايضا على حجية الخبر.
(١) توضيح الايراد الاول على الاستدلال بالآية لحجية الخبر : ان الآية انما تدل على حسن خلق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي اجنبية عن الدلالة على حجية الخبر ، لان المراد بالتصديق للمؤمنين في الآية هو حصول القطع للنبي بمجرد قول المؤمنين لحسن ظنه بهم ، فالمراد من انه اذن هو سرعة القطع له من اخبار المؤمنين ، فهو يقطع من اخبارهم كما يقطع من اخبار الله ، وعلى هذا فالآية تكون اجنبية عن الدلالة على الاخذ بقول المؤمنين تعبدا ، لان اخذه بقولهم لقطعه من قولهم لا للجعل التعبدي ، لكن هذه الصفة مما لا ينبغي ان تكون من صفاته فضلا عن ان يمدح عليها ، لانه صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنتهى الفطنة والدقة وهي من صفات السذج.
وعلى كل فقد اشار الى هذا بقوله : «انه اذن وهو سريع القطع».
والاستدلال الثاني ما اشار اليه بقوله : «وثانيا» وحاصله : ان المراد من التصديق للمؤمنين الذي مدح الله نبيه عليه ليس التصديق الخياني وهو القطع بالواقع ، لان اخبار المؤمن لا يوجب القطع غالبا ، مضافا الى ان التصديق الذي مدح الله النبي عليه كان تصديقا للنمام الذي اخبر الله نبيه بانه نم عليه.
ومنه يظهر انه ليس المراد منه هو التصديق بترتيب الآثار تعبدا على الخبر ، لوضوح بعد ان اخبر الله نبيه بكذب هذا النمام وانه قد نم واقعا عليه ، فقول هذا الكذاب لما احضره النبي وسأله عن نميمته اني لم افعل وتصديق النبي له انكاره يدل