.................................................................................................
______________________________________________________
بوضوح انه ليس تصديقا بترتيب جميع الآثار تعبدا ، وكيف يعقل ان يكون ذلك مع اخبار الله بكذبه؟ بل المراد من هذا التصديق هو ترتيب بعض الآثار وهي الآثار التي تنفعهم ولا تضر غيرهم ، ولو كان المراد ترتيب جميع الآثار لما كان تصديقه للمؤمنين نافعا لجميع المؤمنين بل كان نافعا لبعض وضررا على البعض الآخر ، فانه لو قال احد المؤمنين للنبي ان فلانا سرق او شرب الخمر فرتب النبي عليه جميع الآثار بان حد المشهود عليه ، فانه وان كان خيرا ونفعا للشاهد لتقديره له واعتباره ، إلّا انه ضرر على الآخر وهو المشهود عليه.
وظاهر الآية انه اذن خير لجميع المؤمنين ، ولا يكون اذن خير لجميع المؤمنين إلّا ان يكون المراد من التصديق الذي هو اذن خير للجميع ومدح الله عليه هو ترتيب بعض الآثار ، وهو اظهار التصديق منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن اخبره ، وهذا الاظهار خير للمخبر وعدم ترتيب الاثر على هذا الاخبار بالنسبة للمخبر عنه هو خير له ايضا ، واذا كان المراد من التصديق هذا المعنى تكون الآية اجنبية الدلالة عن حجية الخبر تعبدا ، وانما تكون من الآيات الدالة على عظيم خلقه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاحسان الى جميع المؤمنين ، والى هذا اشار بقوله : «انما المراد بتصديقه للمؤمنين هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم» وهي اظهار التصديق منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم «و» ان «لا تضر غيرهم» وإلّا لما كان اذن خير لجميع المؤمنين «لا» ان المراد من تصديقه للمؤمنين هو «التصديق بترتيب جميع الآثار» وإلّا لم يكن خيرا لهم جميعا ، بل كان خيرا لبعض وضررا للبعض الآخر ، ولو كان المراد من التصديق هو ترتيب جميع الآثار تعبدا «كما هو المطلوب في باب حجية الخبر» لما كان تصديقه صلىاللهعليهوآلهوسلم للمؤمنين خيرا لجميع المؤمنين.
وقد ظهر مما ذكرنا : ان التصديق يطلق ويراد منه معان اربعة : التصديق الجناني ، وسرعة القطع ، وترتيب جميع الآثار تعبدا ، وترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم ولا تضر غيرهم.