سمعك وبصرك عن أخيك : فإن شهد عندك خمسون قسامة أنه قال قولا ، وقال : لم أقله ، فصدقه وكذبهم فيكون مراده تصديقه بما ينفعه
______________________________________________________
صدقة ، فخرج منه وجعل يلمزه ويقول هو اذن يصدق من كل احد ، فانزل الله فيه هذه الآية.
ومن الواضح : ان التصديق الذي مدح الله عليه نبيه ليس هو التصديق الجناني ، ولا التصديق بمعنى سرعة القطع ، ولا التصديق بمعنى ترتيب جميع الآثار ، فان هذه المعاني الثلاثة تنافي اطلاع النبي على كذبه باخبار الله له بانه نمام ، فانه مع اخبار الله له يكون تصديقه الجناني بكذبه لا بصدقه ، ولا يعقل ان يحصل للنبي القطع بصدقه مع اخبار الله له بكذبه ، ولا يعقل ايضا ان يكون خبر النمام المعلوم الكذب مما يشمله دليل الحجية للخبر فيتعين المعنى الرابع وهو اظهار التصديق له من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبهذا كان اذن خير له وللمؤمنين جميعا.
ومن الواضح ان هذا المعنى الرابع هو الذي يجتمع مع تصديق النبي اليه ، فان التصديق الحقيقي بقول الله تعالى واظهار التصديق للنمام مما يجتمعان ، اما التصديق للنمام بأحد المعاني الثلاثة المتقدمة فلا يعقل ان يجتمع مع التصديق بالله في اخباره بكذب هذا النمام ، فمورد النزول من اتم القرائن على ان المراد من التصديق في الآية هو اظهار الصدق لا ترتيب جميع الآثار ، والى هذا اشار بقوله : «ويظهر ذلك» أي كون المراد من التصديق في الآية هو اظهار الصدق فقط يظهر واضحا «من تصديقه صلىاللهعليهوآلهوسلم للنمام بانه ما نمه وتصديقه لله تعالى بانه نمه» فان التصديق بمعنى اظهار الصدق دون معانيه الثلاثة هو الذي يمكن ان يجتمع مع تصديق الله تعالى.