يمكن أن يقال : إن حسن المؤاخذة والعقوبة إنما يكون من تبعة بعده عن سيده بتجريه عليه (١) ، كما كان من تبعته بالعصيان في صورة المصادفة ، فكما أنه يوجب البعد عنه ، كذلك لا غرو في أن يوجب حسن العقوبة ، فانه وإن لم يكن باختياره (٢) إلا أنه بسوء سريرته وخبث باطنه ،
______________________________________________________
لان الالتزام بعقاب المتجري على نفس الفعل المتجرى به أو بعدم العقاب على المتجرى اصلا هو اهون من هذا الالتزام.
وحيث كان مبنى هذه التعليقة مقصورا على توضيح ما افاده دون النقض والابرام لذا اعرضنا عن التعرض لما يمكن ان يرد عليه نقضا وحلا.
(١) هذا هو الجواب الثاني وحاصله : ان العقاب انما يقبح على ما لا بالاختيار فيما كان ذلك راجعا الى المولى او الى شخص آخر ، بان يقهر المولى عبده ويقسره على الفعل ، او يقهره ويقسره عليه شخص آخر ، مثلا ان يغل يديه ويفتح فمه ويوجر الخمر في فمه.
واما اذا كان عدم الاختيار في العبد راجعا الى نفس العبد فلا مانع من صحة عقابه وان كان لا اختيار له ، لان مرجع عدم اختياره الى نفسه لا الى غيره ، وعدم صحة عقاب غير المختار انما هو فيما اذا كان لا اختياره راجعا الى غيره ، والمقام من قبيل الثاني ، فان عدم اختيارية ارادة العبد ترجع الى نفسه لا الى غيره ، فان سببها سوء سريرته وخبث باطنه ونقصانه واستعداده ذاتا بحسب هذا النقصان لجرأته على مولاه.
(٢) يحتمل ان يكون مراده من هذه العبارة هو ان العقاب انما هو على التجري على المولى سواء في المصادفة والمخالفة لعصيان في مقام اصابة القاطع في قطعه او في صورة عدم اصابته في قطعه ، فان تجري العبد وهتكه لمولاه وطغيانه عليه في كليهما على حد سواء ، ففي صورة الاصابة انما يستحق العقاب على تجريه وفي صورة الخطأ ايضا يستحق العقاب على تجريه ، ولا خصوصية للمصادفة وعدم المصادفة.