.................................................................................................
______________________________________________________
واما الروايات فهي مثل ما ورد ان نية الكافر شر من عمله ، ومضمون ما ورد من التعليل لخلود اهل النار بان عزمهم على الاستمرار في الكفر لو كانوا من المخلدين في الدنيا ، فان نية الكافر وعزمه ليس من الافعال الخارجية وهما من الافعال النفسية ومن الامور غير الاختيارية له.
والجواب عنه : اما عن الرواية الاولى ، فأولا : ان المدعى في المقام هو كون الارادة التي هي الجزء الاخير من العلة هي مصداق التجري ومعنون الهتك والطغيان دون الفعل المتجرى به ، وليس المراد من نية الكافر التي هي شر من عمله هي الارادة ، لوضوح انه بناء على ما ذكره المصنف يكون المراد من العمل الذي هو شر ايضا ولكنه دون النية هو الارادة في مورد التجري ، لما بينه من عدم الاستحقاق للعقاب على نفس الفعل في مورد التجري ، ومن المتسالم عليه عند الكل ان ما عدا الارادة من مقدماتها لا عقاب عليها فلا تكون هذه الرواية شاهدا على خصوص ما هو المدعى في المقام ، ويشترك الطرفان في لزوم تأويل هذه الرواية.
ويمكن ان يكون السبب لكون نية الكافر شرا من عمله ان عمل الكافر في فعل المحرمات لا يختلف عن عمل الفاسق في فعلها بما هي من الاعمال ، فان الكافر ـ مثلا ـ لا يصلي والفاسق لا يصلي ، والكافر لا يزكي ولا يحج والفاسق ايضا لا يزكي ولا يحج ، فكلاهما على حد سواء من ناحية تركهما لما هو الواجب ، وكذلك في فعل المحرم ، فان الكافر يشرب الخمر والفاسق يشربها ايضا ، فشرب الخمر بما هو شرب خمر قد حصل من الكافر والفاسق على حد سواء ، ولكن الكافر يترك الواجبات ويفعل المحرمات مستحلا لها بانيا على انها ليست بواجبات ولا محرمات ، بخلاف الفاسق فانه يفعلها مع بنائه على انه قد عصى الله فيها وترك ما هو واجب عليه وفعل ما هو محرم عليه ، وبسبب هذين البناءين اختلف الكافر والعاصي ، واتضح ان السبب في كون فعل الكافر محققا لكفره دون فعل العاصي انما هو لاجل بنائه في فعله على الاستحلال وهو الذي جعل فعله محققا لكفره عملا ، فلذا كان بناؤه ونيته اشد