.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيحه : ان المتجري والمصيب متساويان في جميع ما صدر منهما بالاختيار ، فان المصيب قاطع والمتجري قاطع ايضا ، والمصيب اقدم على ارتكاب ما علم بانه منهي عنه ومبغوض لمولاه والمتجري مثله ايضا ، وان كلا منهما قد شرب باختياره ما اعتقد بكونه خمرا حراما ، ولا فرق بينهما الا في كون احدهما صادف في قطعه الواقع والآخر وهو المتجري لم يصادف قطعه الواقع ، ومن الواضح ان المصادفة وعدم المصادفة مما ليست تحت اختيارهما معا ، لوضوح ان مطابقة ما شربه لكونه خمرا في الواقع ليست معلولة لقطعه بكونه خمرا ، اذ لو كان قطعه علة لذلك لما تحقق مصداق للتجري اصلا ، ومن الواضح ان شربه بما هو شرب ليس علة لخمرية الخمر في الواقع ، كما ان عدم المطابقة للواقع في فعل المتجري ايضا ليست باختياره وهو واضح جدا ، لبداهة انه كان معتقدا المطابقة لا لعدم المطابقة ، فالمصادفة وعدم المصادفة لا يعقل ان تكون هي السبب في الاستحقاق وعدم الاستحقاق بعد ما عرفت من كونهما امرين غير اختياريين بالنسبة اليهما معا.
وبعد ما ظهر ان المصيب والمتجري متساويان في كل ما صدر منهما بالاختيار ، والفرق بينهما انما هو في الخارج عن اختيارهما وهو المصادفة وعدمها.
يتبين ان القول بالتفصيل في استحقاق خصوص المصيب للعقاب دون المتجري لازمه اناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار ، فان المصيب لا يختلف عن المتجري الا في كون ما قطع به صادف الواقع ولم يصادفه فعل المتجري ، فتخصيص استحقاق العقاب بخصوص المصيب دون المتجري مرجعه الى اناطة استحقاق العقوبة في المصيب بما هو خارج عن اختياره ، وهو بديهي البطلان ، لعدم امكان استحقاق اناطة العقوبة بما لا بالاختيار ، فما يستلزم هذا اللازم الباطل وهو القول بالتفصيل باستحقاق خصوص المصيب للعقاب دون المتجري باطل ايضا ، وبعد بطلان هذا الشق كالشقين السابقين يتعين الشق الثاني وهو استحقاقهما معا للعقاب.