وحصل معصية خطابها ولو بإتيان فرد واحد من تلك الطبيعة وسقط الخطاب ، وجاز من بعد ذلك الإتيان بسائر الأفراد.
ومثله الحال لو كان النهي متعلّقا بطبيعة أضيفت إلى مجموع الأفراد من حيث المجموع ، وفي هذه الصورة الأمر يشارك النهي.
وأمّا إذا كان متعلّق الطلب طبيعة أضيفت إلى الأفراد على سبيل الاستغراق انحلّ النهي إلى نواه متعدّدة حسب تعدّد الأفراد. وحينئذ فإذا عصى النهي في فرد لم يوجب ذلك سقوطه بالنسبة إلى فرد آخر والنواهي الواردة في الشريعة كلّها من هذا القبيل ، وإن كان ظاهر خطابها أنّها من قبيل الأوّل ؛ وذلك للإجماع بل الضرورة على عدم سقوط خطاب النهي بمعصيته في فرد.
وتوهّم أنّ ذلك لأجل إطلاق خطاب النهي المتوجّه إلى الطبيعة (١) يضعّفه : أنّ التمسّك بإطلاق الخطاب لما بعد المعصية كالتمسّك بإطلاقه لما بعد الإطاعة في الفساد والبطلان ؛ فإنّ الإطاعة والمعصية مسقطتان للتكليف دافعتان له ، فأيّ معنى لإطلاق التكليف واستمراره لما بعدهما؟!
وأيضا أنّ الإطاعة والمعصية حالتان مترتّبتان على التكليف ، فكيف تؤخذان في متعلّق التكليف؟! مع أنّ إطلاق الخطاب لما بعد المعصية مشتمل على الخلف وعدم كون المعصية معصية.
ولا يسع أن يقال : إنّ المعصية معصية لطلب متعلّق بترك ما أتاه مع بقاء الطلب فيما عداه ؛ وذلك لأنّ انحلال الخطاب إلى تكاليف متعدّدة يكون ببركة هذا الإطلاق إن صحّ ، فكيف يصحّح به الإطلاق؟!
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٠.