الوضع
دلالة اللفظ وكونه آلة إشارة إلى المعنى ذاتيّة ، وليست بجعل جاعل. لكن هذه الإشارة الذاتيّة هي الإشارة باللفظ إلى اللفظ ، يعني يشار بشخص اللفظ الصادر من لافظه إلى نوع ذلك اللفظ وجنسه. وهذه الدلالة لا توصف بحقيقة ولا مجاز ؛ إذ ليست من رشحات اللفظ ونتائجه ، ولئن كان وضع أو لم يكن ـ كما في المهملات ـ كانت هذه الدلالة ثابتة ، وذلك من أعظم الشواهد على ذاتيّة هذه الدلالة.
وهذه الدلالة الذاتيّة هي مفتاح الدلالة الاخرى العرضيّة الوضعيّة ، وهي دلالة اللفظ على المعنى ، بل في الحقيقة ليست هناك دلالة أخرى غير هذه ، ولا تنبعث من الوضع وسبب الوضع دلالة لم تكن ، وإنّما يؤثّر الوضع في صرف هذه الدلالة من جانب إلى جانب ـ أعني من جانب اللفظ إلى طرف المعنى ـ ويوجّهها إلى المعنى بعد أن كانت متوجّهة إلى نفس اللفظ.
فالوضع يصرف الدلالة من مدلول إلى مدلول بعد انحفاظ أصل الدلالة. وليكن هذا مراد من قال : إنّ دلالة الألفاظ ذاتيّة (١) ، يعني أنّ الوضع ليس شأنه إحداث الكشف والدلالة للّفظ
__________________
(١) قال العلّامة في تهذيب الأصول : ٦ : «ذهب عباد بن سليمان [الصيمري] إلى أنّ اللفظ يدلّ على المعنى لذاته ؛ لاستحالة ترجيح بعض الألفاظ بمعناه من غير مرجّح».
ونقل في الفصول الغرويّة : ٢٣ ، نسبة لزوم رعاية المناسبة الذاتيّة في الوضع إليه.