والمسد يحتمل أن يكون مكانا ، وعن ابن عباس : عني بالمسد هنا في الآية السلسلة التي ذكرها في قوله تعالى : (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً)(١) أي أنها تسلك فيها.
م س س :
قوله تعالى : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ)(٢) أي ألمّ بهم. والمسّ : مباشرة الجسم ، والمسّ كاللمس ، وقد تقدّم أنّ اللمس قد يقال لطلب الشيء وإن لم يوجد ، وإليه نحا الشاعر في قوله (٣) : [من مجزوء الوافر]
وألمسه فلا أجده
والمسّ يقال فيما يكون معه إدراك بحاسّة اللمس ، وفي كتاب الراغب : بحاسّة السّمع ، وأظنّه غلطا عليه.
ويكنّى به عن الجماع كالمباشرة والملامسة ، قال تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ)(٤) وقرىء تماسوهن (٥) والمفاعلة ظاهرة فيه. ويكنّى به عن الجنون لأنّ الشيطان يمسّ المجنون ، قال تعالى : (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ)(٦). يقال : به مسّ ولمس ولمم وطيف وطائف ، وقد مسّ فهو ممسوس.
والمسّ يقال في كلّ ما ينال الإنسان من شرّ كقوله تعالى : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ)(٧). وعندي أنّ فيه مبالغة من حيث إنه جعل البأساء كالجسم الماسّ لهم. ومثله قوله تعالى : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)(٨) قال الأخفش : جعل المسّ يذاق كما يقال : كيف وجدت طعم الضّرب؟
__________________
(١) ٣٢ / الحاقة : ٦٩.
(٢) ٢٠١ / الأعراف : ٧.
(٣) المفردات : ٤٦٧. وفي الأصل : وألمسته فلم أجده.
(٤) ٢٣٧ / البقرة : ٢.
(٥) ذكرها الفراء فقال : تماسوهن وتمسوهن واحد (معاني القرآن : ١ / ١٥٥).
(٦) ٢٧٥ / البقرة : ٢.
(٧) ٢١٤ / البقرة : ٢.
(٨) ٤٨ / القمر : ٥٤.