قوله تعالى : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(١) أي غير مقطوع ؛ من منّه أي قطعه ، وقيل : غير معتدّ به ، كما قيل : (بِغَيْرِ حِسابٍ*). وقيل : غير منقوص ، ومنه : المنون للمنيّة لأنها تنقص العدد وتقصر المدد. وقيل : إنّ المنّة بالقول من هذا المعنى أيضا لأنها تقطع الثواب وتقتضي قطع الشكر. وحبل منين ، أي مقطوع. وقيل : (غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٢) غير محسوب ، كقوله تعالى : (يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)(٣). وقال الهرويّ : وقيل : لا يمنّ عليهم بالثواب الذي استوجبوه. وهذا يشبه قول المعتزلة ، ويجوز أن يكون ذلك بالنسبة إلى الوعد ؛ فإنّ الله تعالى لا يخلف وعده.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى)(٤) قيل : هو التّرنجبين ، وقيل : هو صمغة حلوة تنزل على الشّجر ، وقيل : هو شيء كالطّلّ فيه حلاوة يسقط على الشجر ، وقيل : المنّ والسّلوى إشارة إلى ما أنعم الله به عليهم ، وهما شيء واحد ؛ سمّاه منّا من حيث إنّه امتنّ به عليهم ، وسماه سلوى من حيث إنه كان لهم به التسلي (٥).
والمنّ : ما يوزن به ، وهو رطلان بغداديان ، ويجوز إبدال نونه الأخيرة حرف علّة فيقال : منا. وجمعه أمناء.
قوله تعالى : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ)(٦) المنّ : الإطلاق بلا فداء.
قوله : (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ)(٧) أي أنفق أو لا تنفق. وسمي الإنفاق منّا لأنه عطاء ، والعطاء سبب المنّ.
قوله : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(٨) قيل : هو المنّة بالقول ، وذلك أن يمنن به ويستكثر.
__________________
(١) ٨ / فصلت : ٤١ ، وغيرها. والآية التالية : ٤٠ / غافر : ٤٠.
(٢) ٨ / فصلت : ٤١ ، وغيرها.
(٣) ٤٠ / غافر : ٤٠.
(٤) ٥٧ / البقرة : ٢.
(٥) وانظر كتابنا «معجم أعلام القرآن» حولهما.
(٦) ٤ / محمد : ٤٧.
(٧) ٣٩ / ص : ٣٨.
(٨) ٦ / المدثر : ٧٤.