فعيل بمعنى فاعل ، أي لم ينسك من الوحي (١). وإنما أخّره لمصلحة ، والقصة ذكرناها في التفسير.
قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)(٢) المراد به الجنس ، ولذلك استثنى منه. والإنسان عند قوم مشتقّ من النسيان ؛ قالوا : مأخوذ من قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ)(٣) قال أبو منصور : هذا دليل على أنّ أصل إنسان إنسيان ، ولذلك صغّر فقيل أنيسيان (٤). قلت : وأنشد القائل بذلك قول الشاعر (٥) : [من الكامل]
سمّيت إنسانا لأنّك ناسي
وقال آخر (٦) : [من البسيط]
لئن نسيت عهودا كنت موثقها |
|
فاغفر ؛ فأوّل ناس أول النّاس |
ولنا فيه كلام أتقنّاه في غير هذا. قوله : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً)(٧). قيل : هو جمع إنسان (٨) ، فأبدلت النون ياء كقولهم : ظرابي والأصل ظرابين. ويقال : سرحان وسراحين وسراحي. وقيل : هو جمع إنسيّ ، وفيه نظر من حيث صناعة النحو كما بيّناه في غير هذا.
__________________
(١) يروى أن النبي (صلىاللهعليهوسلم) أبطأ عليه جبريل بالوحي فقال وقد أتاه جبريل : ما زرتنا حتى اشتقناك. فقال : ما نتنزّل إلا بأمر ربك.
(٢) ٢ / العصر : ١٠٣.
(٣) ١١٥ / طه : ٢٠.
(٤) فدلت الياء الأخيرة على الياء في تكبيره ، إلا أنهم حذفوها لما كثر الناس في كلامهم.
(٥) تاج العروس ـ مادة أنس.
(٦) العجز في التاج ـ مادة أنس.
(٧) ٥٩ / الفرقان : ٢٥.
(٨) وقيل : جمع إنسي ، كذا قال الفراء. يقول : وإن شئت جعلته إنسانا ثم جمعته أناسي.