وأنصت له ، نحو : نصحته ونصحت له. قاله الهرويّ وقال الراغب (١) : الإنصات : الاستماع إلى الصوت مع ترك الكلام. قلت : لو لا قوله : مع ترك الكلام كان تكريرا في الآية الكريمة ، ولذلك لم يفسّره غيره إلا بالسكوت. قيل : هو من باب قوله : (صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)(٢) لاختلاف اللفظ. قال : وقال بعضهم : يقال للإجابة إنصات. قال : وليس ذلك بشيء ، لأن الإجابة تكون بعد الإنصات ، وإن استعمل فيه فذلك حثّ على الاستماع لتمكّن الإجابة.
ن ص ح :
قوله تعالى : (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ)(٣) أي صادقون فيما يشيرون به عليه. قال أبو زيد : نصحته : صدقته. قوله : (تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً)(٤) أي صادقة. وقال الراغب (٥) : النّصح : يجري مجرى فعل أو قول فيه صلاح صاحبه. وهو من قولك : نصحت له الودّ ، أي أخلصته. وناصح العسل : خالصه ، أو من قولهم : نصحت الجلد : خطته ، والناصح : الخيّاط ، والنّصاح : الخيط. والتوبة النصوح من أحد هذين الوجهين ؛ إمّا الإخلاص وإما الإحكام. ويقال : نصوح ونصاح مثل ذهوب وذهاب وأنشد (٦) : [من الكامل]
أحببت حبا خالطته نصاحة
وقد قرىء : (تَوْبَةً نَصُوحاً)(٧) بفتح النون وضمّها (٨) وقال الزجّاج : «توبة نصوحا» أي بالغة في النّصح ، وهو مأخوذ من النصح وهو الخياطة ، كأنّ الغضبان يخرق ، والتوبة النصوح ترقع. والنّصاح والمنصح : ما يخاط به نحو إزار ومئزر. والنّصاح أيضا : الخيط.
__________________
(١) المفردات لم يرد فيه مادة (نصت) ، فلعله لآخر.
(٢) ١٥٧ / البقرة : ٢.
(٣) ١٢ / القصص : ٢٨.
(٤) ٨ / التحريم : ٦٦.
(٥) المفردات : ٤٩٤.
(٦) مذكور في المفردات.
(٧) ٨ / التحريم : ٦٦.
(٨) قرأها بفتح النون أهل المدينة والأعمش ، وبضمها عاصم والحسن. ويقول الفراء : كأن الذين قالوا : «نصوحا» أرادوا المصدر مثل قعودا. والذين قالوا : «نصوحا» جعلوه من صفة التوبة.