ثمّ هبطت البلاد لا بشر |
|
أنت ولا مضغة ولا علق |
فإنّ هذا تعظيم وتشريف. والهبيط : الضّامر من النّوق وغيرها. ويقال : هبط ـ بفتح الباء فقط ـ ويهبط ـ بكسرها وضمها ـ إلا أنّ الضّمّ في اللازم أكثر. وقد قرىء : «اهبطوا» بالضمّ. وقيل : الهبوط : الانتقال مطلقا. وقيل : الخروج من البلد. وقيل : الدّخول فيها ؛ فهو من الأضداد.
وفي الحديث : «غبطا لا هبطا» (١) أي نسألك الغبطة ونعوذ بك أن تهبطنا إلى حال سفال. وقال الفراء : الهبط : الذّلّ. وأنشد للبيد (٢) : [من المنسرح]
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا |
|
يوما يصيروا للهلك والنّفد (٣) |
ه ب و :
قوله تعالى : (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٤). الهباء واحده هباءة ، فقيل : الهباء والهبوء : التراب الرّقيق. وأنشد لرؤبة (٥) : [من الرجز]
في قطع الآل وهبوات الدّقق
وقال الأزهريّ : هو ما يخرج من الكوّة مع ضوء الشمس ؛ شبّه أعمال الكفار التي كانوا يفعلونها في الدّنيا ، من فكّ العناة وإطعام المحاويج وغير ذلك ، في عدم الجدوى بتراب وغبار دقيق. ثم لم يكتف بذلك حتى جعله منثورا لا يرجى منه نفع ، ولا يحصل منه شيء البتّة. وقوله : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا)(٦) شبّه الجبال حال دكّها بالهباء المنبثّ ، وهو المتفرّق. فوصفه بالموضعين بوصفين مختلفين لفظا متّحدين معنى.
__________________
(١) النهاية : ٥ / ٢٣٩.
(٢) ديوان لبيد : ١٦٠. يهبطوا هنا : يموتون.
(٣) ورواية الديوان : والنكد ، وفيه رواية تؤيد النص. ورواية اللسان (مادة ـ هبط) : أمروا بضم الهمزة وكسر الميم.
(٤) ٢٣ / الفرقان : ٢٥.
(٥) من شواهد اللسان ـ مادة هبا. وصدر الرجز :
تبدو لنا أعلامه بعد الغرق
(٦) ٦ / الواقعة : ٥٦.