الشياطين ؛ بدل البعض من الكلّ. كقولك : القوم قالوا : زيد وعمرو. انتهى. وفي جعلهما بدلا من الشياطين نظر لا يخفى من حيث إنّ النحويين نصّوا على أنّه يمتنع البدل في نظيره لعدم المطابقة ، وأوجبوا القطع حينئذ ، وجعلوا من ذلك قول النابغة الذبياني (١) : [من الطويل]
توهّمت آيات لها فعرفتها (٢) |
|
لستّة أعوام وذا العام سابع |
رماد ككحل العين لأيا أبينه (٣) |
|
ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع |
قالوا : فرفع «رماد ونؤي» على إضمار مبتدأ ، ولم ينصبا بدلا من آيات لعدم المطابقة ، وهذا له موضع تحقّق فيه (٤). وقوله فيه : إنه يدلّ على بعض من كلّ كالجواب عن الاعتراض الذي ذكرته ، لكنه لا يصحّ لما قدّمته من نصّ النحويين. قيل : واشتقاق اللفظة من الهرت وهو سعة الشّدق. ومنه قولهم : فرس هريت الشّدق. وأصله من هرت ثوبه : إذا شقّه فاتّسع. ومنه الحديث : «أكل كتفا مهرّتة» (٥) أي ممزّقة من النضج. وقيل : إنما هو «مهرّدة». قال الكسائيّ : يقال : لحم مهرّد : إذا نضج. والمهرّأة مثله. قلت : فيجوز أن تكون الدال هي الأصل ، والتاء مبدلة منها لتقاربها. ولذلك حكي : هرد ثوبه وهرته : إذا شقّه. وعندي أنّ ادّعاء الاشتقاق في هاروت من ذلك لا يصحّ لما قدّمته غير مرة من أنّ الإشتقاق لا مدخل له في الأعجميات (٦). وهذا نظير ما فعلوه في إبليس وآدم ويعقوب ونحوها.
ه ر ع :
قوله تعالى : (يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ)(٧) أي يساقون سوقا بعنف. وقال ثعلب : يستحثون.
__________________
(١) الديوان : ٤٣.
(٢) توهمت : تفرّست.
(٣) ورواية الديوان : ما إن تبينه ، وجاءت فيه كذلك رواية النص. جذم الحوض : باقيه وأصله. خاشع : لاط بالأرض. أثلم : مكسّر. (الديوان : ٤٣).
(٤) على أنه يجوز أن يكونا بدلا من «آيات» التي هي علامات ، فمنها رماد ، ومنها نؤي ...
(٥) النهاية : ٥ / ٢٥٧.
(٦) يجوز الاشتقاق من الأعجميات إذا جاءت الألفاظ على وزان العرب مثل تزندق من زنديق.
(٧) ٧٨ / هود : ١١.