وعن شهر بن حوشب (١) عن ابن عباس في تفسيره قال : هو المشّاء بالنّميمة ، المفرّق بين الجماعة ، المغري بين الأحبّة. قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)(٢) أي نزعاتهم وما يوسوسون به. وأصله من الهمز ، وهو الدّفع. ومنه الحديث : «أمّا همزه فالموتة» (٣) وقال أبو عبيد : الموتة : الجنون سمّاه همزا لأنه حصّله من النّخس والغمز. وكلّ شيء غمزته فقد دفعته.
ه م س :
قوله تعالى : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً)(٤) جاء في التفسير : إنّه صوت الأقدام حين يمشون إلى المحشر. وأصل الهمس الصوت الخفيّ ، وهمس الأقدام أخفى ما يكون من صوتها. ومنه همس الإبل كقول الشاعر (٥) : [من الرجز]
وهنّ يمشين بنا هميسا |
|
إن تصدق الطّير ننك لميسا |
وقيل : هو تحريك الشّفتين دون نطق ، والأول أشهر. ومنه الحروف المهموسة ، وهي مجموعة في قولك : سكت فحثّه شخص ، حسبما بيّناه في «العقد النّضيد». ومنه تسميتهم الأسد هموسا لأنه يمشي بخفّة فلا يسمع صوت وطئه. وفي الحديث : «كان يتعوّذ من همز الشيطان ولمزه وهمسه» (٦). قال الليث : والهمز (٧) كلام من وراء القفا ، واللمز مواجهة. والشيطان يوسوس فيهمس بوسواسه في صدور بني آدم. وقال أبو الهيثم : إذا أسرّ الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام.
__________________
(١) هو شهر بن حوشب الأشعري ، فقيه من رجال الحديث ، شامي سكن العراق ، لكن متروك الحديث لسماعه الغناء بالآلات. توفي سنة ١٠٠ ه.
(٢) ٩٧ / المؤمنون : ٢٣.
(٣) النهاية : ٥ / ٢٧٣. والهمز هنا : النخس.
(٤) ١٠٨ / طه : ٢٠.
(٥) من شواهد اللغة. جمهرة اللغة : ٢ / ٤٠ ، من شعر ابن عباس في الحداء. وصدره في اللسان ، وانظر النهاية : ٥ / ٢٧٣.
(٦) النهاية : ٥ / ٢٧٣ ، وفي الأصل : «ولمسه» وتصويبه منه.
(٧) وفي الأصل : لام ، وهو وهم. والتصويب من الجمهرة واللسان.