ه م م :
قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)(١) أي عزمت وقصدت. وقال أبو حاتم : كنت أقرأ كتاب «غريب القرآن» على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير كأنه قال : ولقد همّت و (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) لهمّ بها. قلت : وما قاله حسن جدا ، وقد بيّنّا ذلك في موضعه في كتابنا المشار إليه غير مرة. وقال ثعلب : أي همّت زليخة بالمعصية مصرّة ، وهمّ يوسف ولم يواقع ما همّ به ، فبين الهمّين فرق. قيل : وأصل ذلك من الهمّ وهو الحزن الذي يذيب الإنسان.
يقال : هممت الشحم فانهمّ ، أي أذبته فذاب. فالهمّ الذي تهمّ به نفسك يكاد يذيبك حتى تفعله. ومن ثمّ قال الشاعر (٢) : [من الطويل]
وهمّك ما لم تمضه لك منصب
وقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ)(٣) أي حملتهم. يقال : أهمّني كذا ، أي حملني على أن أهمّ به. وقوله : (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)(٤) جاء في التفسير أنّ رجالا عزموا على أن يغتالوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وقعدوا له في (٥) الطريق ، فأطلعه الله تعالى ، فأمر بتنحيتهم وسمّاهم رجلا رجلا. وفي الحديث : «أحبّ الأسماء إلى الله عبد الله وهمّام ، لأنّه ما من أحد إلّا وهو يهمّ بأمر رشد أو غوي» (٦). وفي شعر سطيح (٧) : [من البسيط]
شمّر فإنّك ماضي الهمّ (٨) شمّير
أي ماضي العزم.
__________________
(١) ٢٤ / يوسف : ١٢.
(٢) المفردات : ٥٤٥.
(٣) ١٥٤ / آل عمران : ٣.
(٤) ٧٤ / التوبة : ٩.
(٥) وفي س : على.
(٦) وكذا عند الهروي. وفي النهاية : «.. حارث» (٥ / ٢٧٤).
(٧) اللسان ـ مادة همم ، النهاية : ٥ / ٢٧٥.
(٨) وفي الأصل : العزم ، وهو سبق قلم ، يؤيد معنى الشاهد في المادة. والتصويب من المصدرين.