وقد هنأت الإبل فهي مهنوءة. وأنشد لامرىء القيس (١) : [من الطويل]
أيقتلني وقد شغفت فؤادها |
|
كما شغف المهنوءة الرجل الطّالي |
وقد هنأت البعير أهنوه وأهنئه ؛ لغتان فصيحتان. وقيل : الهنيء في الآية ما لا إثم فيه. وقد تقدّم الكلام على «مريئا».
ه ن ا :
قوله تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ)(٢) هنا : ظرف مكان لا يتصرف غالبا ، وهو من أسماء الإشارة ، ولا يشار به إلا للأمكنة. وقد يشار به للزّمان عند بعضهم في قوله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ)(٣). وجعل من ذلك قول الآخر : [من الكامل]
وإذا الأمور تعاظمت وتشاكلت |
|
فهناك يعترفون أين المفزع؟ |
والصحيح أنه باق على مكانيته. وحكمه في القرب والبعد والتوسّط حكم ذا. فهنا للمكان القريب ، وهناك للمتوسّط ، وهنالك للبعيد ، وبمعنى البعيد هنا. وهنّا ـ بكسر الهاء مع التّشديد ـ وهنّت وثمّ. وله موضع هو أليق به من هذا.
وقريب من هذه المادة الهن ، وهو الفرج. وقيل : كلّ ما لا يراد التصريح بذكره. والمشهور فيه إعرابه منقوصا لقوله عليه الصلاة والسّلام : «فأعضّوه بهن أبيه» (٤). وقد يعرب بالأحرف الثلاثة كالأب (٥). وقد تسكّن نونه منقوصا كقوله (٦) : [من السريع]
وقد بدا هنك من المئزر
__________________
(١) الديوان : ٤٩. المهنوءة : الناقة المطلية بالقطران.
(٢) ٤٤ / الكهف : ١٨.
(٣) ١١ / الأحزاب : ٣٣.
(٤) النهاية : ٥ / ٢٧٨ ، أي : عضّ أير أبيك.
(٥) يروى أن أصله هنو.
(٦) أنشده سيبويه ، وصدره كما في اللسان ـ مادة هنا :
رحت ، وفي رجليك ما فيهما
ويقول : إنما سكنه للضرورة.