وقد زعم بعضهم أنها ترد تعليلا كقوله تعالى : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ / لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١) ونظائره ، فإن المعنى كي تفلحوا ، وليس كما زعم بل معناه افعلوا ذلك راجين الفلاح وطامعين فيه لا قاطعين به ، فإنّ القبول لله تعالى ، وهذا كقوله : (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ)(٢). وزعم آخرون أنها ترد استفهاما ، وجعل منه قوله صلىاللهعليهوسلم لبعض صحابته وقد دعي له : «لعلّنا أعجلناك؟» (٣). وقوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى)(٤) أي وهل. ولذلك علّق به فعل العلم ، وفيه بحوث ليس هذا موضعها.
وقد تجرّ بها بعض العرب بالله اللام الأولى كقول الشاعر : [من الوافر]
لعل الله فضّلكم علينا |
|
بشيء إنّ أمّكم سريم |
أو محذوفها كقول الآخر (٥) : [من الرجز]
علّ صروف الدهر أو دولاتها |
|
تديلنا اللّمّة من لمّاتها |
فتستريح النفس من زفراتها |
وقد تكسر في ذلك لامها الأخيرة. وقد أنشد قوله : «لعل الله» بالوجهين ، وفيها لغات كثيرة : لعلّ ، علّ (٦) ، لعنّ ، رعنّ ، لأنّ ، أنّ ، ومنه قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)(٧) وقال امرؤ القيس (٨) : [من الكامل]
عوجا على الطّلل المحيل لأنّنا |
|
نبكي الديار كما بكى ابن خذام |
__________________
(١) ٧٧ / الحج : ٢٢.
(٢) ٥٧ / الإسراء : ١٧.
(٣) صحيح البخاري ، الوضوء ٣٤.
(٤) ٣ / عبس : ٨٠.
(٥) رجز ذكره الفراء (معاني القرآن : ٣ / ٩) وابن منظور (اللسان ـ مادة لمم).
(٦) يرى اللغويون أن أصل «لعل» هو «علّ» ، واللام في أولها زائدة.
(٧) ١٠٩ / الأنعام : ٦. يقول الفراء : وهو وجه جيد أن تجعل (أنّ) في موضع لعلّ. وهي قراءة أبيّ : لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون (معاني القرآن : ١ / ٣٥٠).
(٨) الديوان : ٩٢. وابن خذام : شاعر جاهلي. المحيل : المتغير.