عمره وضحا ظلّه» (١) يريد بهذه الألفاظ أنه مات. وأنشد لقيس بن الخطيم الأنصاريّ (٢) : [من الطويل]
أطاعت بنو عوف أميرا نهاهم |
|
عن السّلم حتى كان أوّل واجب |
أي أول ميّت (٣).
ووجّبت به الأرض توجيبا : أسقطته عليها. وأوجب كذا : ختمه. ومنه الواجبات التي أوجبها الله تعالى على عباده من عباداته. والواجب في اصطلاح المتشرّعة ما يذمّ تاركه شرعا قصدا مطلقا. وأوجب فلان : استوجب بها النار. والموجبات تطلق على ما يوجب النار وما يوجب الجنّة ، هذا هو الصّحيح. ومنه قوله عليه الصلاة والسّلام : «أسألك موجبات رحمتك» (٤). وقال الراغب (٥) : وعبّر بالموجبات عن الكبائر التي أوجب الله عليها النار. فإن عنى بذلك الغالب فقريب ، وإن عنى به الاختصاص فممنوع للحديث المتقدّم. وقال بعضهم : والواجب يقال على أوجه : أحدها يقال في مقابلة الممكن ، وهو الحاصل الذي إذا قدّر كونه مرتفعا حصل منه محال ، نحو وجود الواحد مع وجود الاثنين ؛ فإنّه محال أن يرتفع الواحد مع حصول الاثنين. الثاني يقال في مقابلة الذي إذا لم يفعل يستحقّ به اللّوم ، وذلك ضربان : واجب من جهة العقل ، كوجوب معرفة الوحدانيّة والنبوّة ، وواجب من جهة الشّرع ، كوجوب العبادات الموظّفة.
وقال آخرون : الواجب قسمان : أحدهما يراد به اللازم الوجوب ، وأنه لا يصحّ ألّا يكون موجودا ، كقولنا في الباري : واجب وجوده. والثاني بمعنى أنّ حقّه أن يوجد. قال الراغب : وقول الفقهاء : الواجب ما إذا لم يفعله يستحقّ صاحبه العقاب ، فذلك وصف له بشيء عارض له ، ويجري مجرى من يقول : الإنسان إذا مشى مشى برجلين.
__________________
(١) النهاية : ٥ / ١٥٤ ، عدا «وضحا ظله». يقال للميّت : قد ضحا ظلّه.
(٢) ديوان قيس بن الخطيم : ٩٠.
(٣) قاله من قصيدة يصف حربا وقعت بين الأوس والخزرج في يوم بعاث.
(٤) النهاية : ٥ / ١٥٣.
(٥) المفردات : ٥١٢.