المعنى لا تجارة عندهم ولا بيع فلا لهو ، جعله مثل قوله تعالى : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً)(١) وقول امرىء القيس (٢) : [من الطويل]
على لاحب لا يهتدي بمنار
والأول أظهر وأبلغ في مدحهم. ويؤيد ذلك قوله في موضع آخر : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)(٣) وقوله : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(٤) نزل ذلك في التجارة أيام الحجّ ، وكانوا قد تحرّجوا من ذلك.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)(٥) قيل : هو النضر بن الحارث الداريّ ، كان قد قرأ كتب الأعاجم «رستم وإسفنديار» وكان يشغل بها قريشا عن سماع القرآن. ويقول : قد كدت أن أحدّثكم بأحسن ممّا يحدّثكم به. وقيل : نزلت في شراء القيان أي الجواري المغنيات ، وقد حرّمه بعض العلماء.
قوله : (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى)(٦) أي تشاغل ، وأصله تتلهّى ؛ نزلت في ابن أمّ مكتوم ، وكان عليه الصلاة والسّلام يقول له إذا أقبل : «مرحبا بمن عاتبني فيه ربّي» (٧).
قوله : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ)(٨) أي شغلتكم المكاثرة بالأهل والمال والولد. وكانوا يتفاخرون بأنسابهم وأموالهم. وفي الحديث : «سألت ربّي إلّا يعذّب اللاهين من ذرية
__________________
(١) ٢٧٣ / البقرة : ٢.
(٢) وعجزه كما في الديوان (ص ٦٧) :
إذا سافه العود النباطيّ جرجرا
واللاحب : الطريق الواضح الذي لحبته الحوافر ، أي أثرت فيه.
(٣) ١٩٨ / البقرة : ٢.
(٤) ٢٨ / الحج : ٢٢.
(٥) ٦ / لقمان : ٣١.
(٦) ١٠ / عبس : ٨٠.
(٧) هو عمرو بن قيس بن زائدة ، كان أعمى مؤذنا ، وأمه أم مكتوم اسمها عاتكة ، وهو ابن خال السيدة خديجة (أسد الغابة : ٤ / ١٢٧).
(٨) ١ / التكاثر : ١٠٢.