قوله تعالى : (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ)(١) أي تحريفا ، والأصل لويا فأدغم. وقوله : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ)(٢) أي يحرّفونه ويغيّرون أحكامه.
وأصل الليّ الفتل ، والمعنى يفتلون لسانهم من النّطق بالحقّ إلى النطق بالكذب. ويعبّر به عن التخرّص إيضا.
قوله : (وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ)(٣) إي لا تعطفون عليه ولا تثنون له فرقا وخوفا ، ولذلك فسّر ب لا تعوجون ؛ يقال : فلان لا يعوج على أحد ، أي لا يلتفت إليه لعظم ما دهمه. وقد ألمّ حسان رضي الله عنه بهذا المعنى في قوله (٤) : [من الكامل]
ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم |
|
ونجا برأس طمرّة ولجام |
قوله : (وَإِنْ تَلْوُوا)(٥) أي تنحرفوا وتنعطفوا ، قال القتيبيّ : تلووا من الليّ في الشهادة والميل إلى أحد الخصمين. وقيل : هو من لويت فلانا حقّه : أي دافعته. ومنه الحديث : «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» (٦). وإنما أوردت ذلك لئلّا يتوهّم التكرار في قوله : (أَوْ تُعْرِضُوا). وهو من : لاواه يلاويه ، وقرىء : «تلوا» (٧) بواو واحدة من : ولي الأمر : إذا قام به ، أي ، إن قمتم بالأمر ، وقيل : هو من الأول إلا أنه خفّف بالحذف.
واللواء : الراية لالتوائه بالرّمح. واللّوى ـ بالقصر ـ ما التوى من الرّمل ؛ قال امرؤ القيس (٨) : [من الطويل]
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل |
__________________
(١) ٤٦ / النساء : ٤.
(٢) ٧٨ / آل عمران : ٣.
(٣) ١٥٣ / آل عمران : ٣.
(٤) الديوان : ١ / ٢٩ ، قاله في الحرث بن هشام وهزيمته يوم بدر ، ثم حسن إسلامه.
(٥) ١٣٥ / النساء : ٤.
(٦) النهاية : ٥ / ١٥٥ ، من حديث المطل ، أي القادر على قضاء دينه.
(٧) وكذا في معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٩١ ، والثانية قراءة ابن عامر وحمزة ، والأولى قراءة الباقين.
(٨) مطلع معلقته.