ولم أسلم لكي أبقى ولكن |
|
سلمت من الحمام إلى الحمام |
والاستمتاع : طلب التمتّع ، ومنه قوله تعالى : (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ)(١) وذلك لأنّ كلّا من الجنسين قد سأل صاحبه التمتّع فأعطاه ما سأله الجنّ سوّلت لهم أعمالا فأطاعوهم فيها. وقيل : استمتاع الإنس بالجنّ : هو أنّ الرجل من الإنس كان إذا سافر فنزل واديا وخاف من شرّه قال : أعوذ برئيس هذا الوادي. واستمتاع الجنّ بالإنس هو تعظيمهم إياهم حيث كانوا عندهم ممن يعاذ به ويلتجأ إليه. وقد أخبر الله تعالى بذلك حيث قال : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ)(٢).
قوله : (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ)(٣) أي انتفعوا بنصيبهم من الدنيا. وقال الفراء : رضوا به عن نصيبهم في الآخرة.
قوله : (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ)(٤) أي مثل الحديد والنّحاس والرّصاص وسائر الجواهر المنطبعة لكثرة انتفاعهم بها سفرا وحضرا وطول بقائها. وفي الحديث : «حرّم شجر المدينة ورخّص في الهشّ ومتاع النّاضح» (٥) أراد به أداة الرّحل ونحوه التي تؤخذ من الشجر.
وقولهم : شراب ماتع قيل : معناه أحمر. والظاهر / أنّ الحمرة ليست من خصوصية ذلك بل المراد بالماتع المائع وإنما ذكروا الحمرة لأنها في الغالب دالة على جودته وقوة الانتفاع به. وقالوا : حبل ماتع أي قويّ. وأنشد (٦) : [من الطويل]
وميزانه في سورة البرّ ماتع
أي قويّ راجح.
__________________
(١) ١٢٨ / الأنعام : ٦.
(٢) ٦ / الجن : ٧٢.
(٣) ٦٩ / التوبة : ٩.
(٤) ١٧ / الرعد : ١٣.
(٥) النهاية : ٤ / ٢٩٣ ، كذا رواية الهروي ، وعند ابن الأثير : «.. حرّم المدينة».
(٦) البيت للنابغة الذبياني ، وصدره (الديوان : ٥٢) :
إلى خير دين نسكه قد علمته
ورواية اللسان : إلى خير دين سنّة .. (مادة متع).