مأخوذ من ألبّ بالمكان : أقام به. وتثنيته لا يراد بها شفع الواحد بل معناه إجابة بعد إجابة ، ومثله : حنانيك ، وأصل ذلك في البعير وهو أن يلقي لبّته في صدره. وتلبّب ، أي تحزّم ، وأصله أن يشدّ لبّته ، ومنه حديث عمر : «فلبّبته بردائه» (١). ولبّبته : ضربت لبته ، وإنما سميت لبّة لأنها موضع اللبّ (٢) ، قاله الراغب ، وفيه نظر لأنّ الصّحيح أن العقل في الرأس لا في الصدر.
والثاني : معناه اتّجاهي لك يا ربّ وقصدي إليك ، من قولهم : داري تلبّ دارك (٣) أي تواجهها. والثالث : أنّ معناها محبّتي لك ، من قولهم : امرأة لبّة لولدها أي عاطفة عليه ، وأنشد (٤) : [من الطويل]
وكنتم كأمّ لبّة طعن ابنها |
|
إليها ، فما درّت عليه بساعد |
والرابع : إنه إخلاص لك ، من قولهم : حسب لباب ، أي خالص لا شوب فيه ، ومنه : لبّ الطعام ولبابه.
واختلفوا في «لبّيك» هل هو مثنّى أم مفرد (٥) ، والصحيح أنه مثنّى ، وقيل : بل هو مفرد وياؤه مبدلة من باء ، وإلا من لبّ بالمكان (٦) : أقام ، فاستثقلوا توالي ثلاثة أمثال ، فأبدلوا إحداهنّ ياء كما قالوا : تظنّيت (٧) وقصّيت أظفاري ، ولا تضاف إلا لضمير خطاب ، وشذّ قول الشاعر (٨) : [من المتقارب]
دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبّى ، فلبّي يدي مسور |
__________________
(١) النهاية : ٤ / ٢٢٣.
(٢) الفردات : ٤٤٦.
(٣) كذا في النهاية ، وفي الأصل : رداءه تلب ردائي.
(٤) من شواهد اللسان ـ مادة لبب.
(٥) لعلماء اللغة والنحو آراء كثيرة ومتضاربة حولها ، وما ذكره المؤلف هنا كان موجزا.
(٦) قال الخليل : أصله من ألببت بالمكان ، فإذا دعا الرجل صاحبه أجابه : لبّيك أي أنا مقيم عندك.
(٧) وأصلها : تظنّنت.
(٨) البيت من شواهد اللغويين على إضافة «لبّي» إلى اسم مظهر. البيت عزاه السيوطي لأعرابي من بني أسد ، بينما في اللسان (مادة لبب) والكتاب (١ / ٣٥٢) من غير عزو. ومثل ذلك في الخزانة : ١ / ٢٦٨ وشواهد المغني : ٣٠٧ ....