نظير ، ونريد بذلك أن ليس معه من يستحق الإلهية سواه ، وقد قال تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النّساء : ١٧١] ومعناه : لا إله إلا الله.
والدليل على أن صانع العالم على ما قررناه : قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] والدليل المعقول مستنبط من هذا النص المنقول ، فإنا نرى الأمور تجري على نمط واحد ، في السموات والأرض وما فيهما من شمس وقمر وغير ذلك. ولو كانا اثنين أو أكثر فلا بد أن يجري خلاف أو تغير من أحدهما على الآخر ، وقد بيّنه سبحانه وتعالى فقال : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤٣) [الإسراء : ٤٢ ، ٤٣].
وأيضا : فلو جاز أن يكونا اثنين أو أكثر فيريد أحدهما شيئا ويريد الآخر ضده ، فلا يخلو أن يتم مرادهما ، أو يتم مراد أحدهما دون الآخر ، ولا يجوز أن يتم مرادهما ؛ لأن في إتمام مراد أحدهما عجز الآخر ، لأنه تم ما لا يريد ، وفي ذلك تعجيز لكل واحد منهما ؛ لأنه تم ما لا يتم مراد واحد منهما ، فقد ثبت عجزهما أيضا. ومن يكون عاجزا فليس بالإله ، أو يتم مراد أحدهما دون الآخر ؛ فالذي تم مراده هو الإله ، والذي لم يتم عاجز ليس بالإله ، فلم يكن إلا إله واحد كما ذكرنا.
فإن قيل : فيجوز أن يختلفا في الإرادة. قلنا : هذا القول يؤدي إلى أحد أمرين :
إما أن يكون ذلك القول أحدهما للآخر لا ترد إلا ما أريد ، فيصير أحدهما آمرا والآخر مأمورا ، والمأمور لا يكون إلها ، والآمر على الحقيقة هو الإله ، أو يكون كل واحد منهما لا يقدر أن يريد إلا ما أراده الآخر ولو كان كذلك دل على عجزهما ؛ إذ لم يتم مراد واحد منهما إلا بإرادة الآخر معه وإذا ثبت هذا بطل أن يكون الإله إلا واحدا على ما قررناه.
مسألة
ويجب أن يعلم أن الباري جلّت قدرته حيّ. وهذه المسألة أول مسائل قول الشيخ (١) «موصوف بما وصف به نفسه في كتابه ، وعلى لسان نبيه فنقول الباري يوصف بالحياة».
__________________
(١) أي أبا الحسن الأشعري ، وقوله هذا تتفرع عنه مسائل كما بسط المؤلف (ز).