والدليل عليه قوله تعالى : (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [البقرة : ٢٥٥] وقوله تعالى :
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) [الفرقان : ٥٨]. وأيضا : فإن الفعل يستحيل وجوده من الموات الذي لا حياة له ، والله تعالى فاعل الأشياء ومنشئها ، فوجب أن يكون حيا.
مسألة
ويجب أن يعلم : أنه تعالى قادر على جميع المقدورات.
والدليل عليه قوله تعالى : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة : ١٢٠] ولأنا نعلم قطعا استحالة صدور الأفعال من عاجز لا قدرة له ، ولما ثبت أنه فاعل الأشياء ثبت أنه قادر.
مسألة
ويجب أن يعلم : أنه تعالى عالم بجميع المعلومات.
والدليل عليه قوله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) [النّساء : ١٦٦] وقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) [البقرة : ٢٥٥] وقوله تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩)) [غافر : ١٩] وقوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [آل عمران : ٢٩] وقوله تعالى : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) [هود : ١٤] إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى.
وأيضا : فيدل على أنه عالم : صدور الأفعال الحكيمة المتقنة الواقعة على أحسن ترتيب ونظام وإحكام وإتقان ، وذلك لا يحصل إلا من عالم بها ، ومن جوّز صدور خط معلوم منظوم مرتب من غير عالم بالخط ، كان عن المعقول خارجا ، وفي عمل الجهل والجا.
ويدل على صحة ذلك أيضا : أنه حي ، قادر ، عالم ، أنا لو جوّزنا صدور أفعال محكمة متقنة من غير حي ، عالم ، قادر ، لم ندر لعل جميع ما يظهر لنا من أفعال الناس من الكتابة والصناعة وسائر الصنائع لعلها لنا منهم وهم أموات عجزة جهلة ، ولعل لنا في هذه المسألة المناظر عليها ميت عاجز.