وليس في السماء ولا في الأرض بعد النبيين أو المرسلين خير من أبي بكر». وكان رضي الله عنه مفروض الطاعة ، لإجماع المسلمين على طاعته وإمامته ، وانقيادهم له ، حتى قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام مجيبا لقوله رضي الله عنه لما قال : أقيلوني ، فلست بخيركم. فقال : لا نقيلك ولا نستقيلك ، قدمك رسول الله صلىاللهعليهوسلم لديننا ألا نرضاك لدنيانا. يعني بذلك حين قدمه للإمامة في الصلاة مع حضوره ، واستنابته في إمارة الحج فأمرك علينا. وكان رضي الله عنه أفضل الأمة ، وأرجحهم إيمانا ، وأكملهم فهما ، وأوفرهم علما ، وأكثرهم حلما ، وبه نطق قوله صلىاللهعليهوسلم : «ولو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر على إيمان أهل الأرض».
ثم من بعده على هذا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، لاستخلافه إياه ، وقد ورد في فضائله رضي الله عنه من الأحاديث ما لا يحصى ، ومن جملة ذلك : قوله صلىاللهعليهوسلم : «لو كان بعدي نبي لكان عمر ، إن الله ربط الحق بلسان عمر وقلبه» وأيضا : قوله صلىاللهعليهوسلم : «كادت أنفاس عمر تسبق الوحي» لأنه كلمه في أسارى بدر ، وأن تضرب أعناقهم ، فنزل قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)) [الأنفال : ٦٧] فقال : «لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه إلا عمر» حين نزل قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨)) [الأنفال : ٦٨] وقال : لو حجبت نساءك فإنه يدخل عليك البر والفاجر ، فنزلت آية الحجاب وقال : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) [التّحريم : ٥] فنزلت الآية في ذلك ، وفضله أكثر من أن يحصى.
وبعده : أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ، لإجماع المسلمين أنه من جملة الستة الذين نص عمر عليهم. وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «إن عثمان أخي ورفيقي في الجنة» وقال صلىاللهعليهوسلم : «لو كان لنا ثالثة زوجناكها يا عثمان» وقال صلىاللهعليهوسلم : «دعوت الله تعالى أن يرفع الحساب عن عثمان ففعل» وقال صلىاللهعليهوسلم : «من يزيد في المسجد أضمن له الجنة؟» فزاد فيه عثمان وقال : «من يشتري رومة أضمن له الجنة» فاشتراها عثمان وجعلها للمسلمين. وقال : «من يجهز جيش العسرة فله الجنة» فجهزه عثمان : تسعمائة وخمسين بعيرا ، وأتمها ألفا بخمسين فرسا.
وبعده أمير المؤمنين : علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ، وقد ورد عن النبي صلىاللهعليهوسلم في فضائله أحاديث كثيرة منها : قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم أدر الحق مع علي حيث ما دار» وقال صلىاللهعليهوسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وقال صلىاللهعليهوسلم : «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» فأعطاها لعلي عليهالسلام.