كلامهم ولا يتعلم منهم حتى ينقرضوا شيئا فشيئا ويتم لهم ما أرادوا في الجهال والعوام.
وأنا بحمد الله وعونه وحسن توفيقه أبين لك ذلك مسألة مسألة ، وأذكر لك شبههم في كل مسألة ، وهي أربع مسائل : مسألة القرآن وهي أهمها : و (الثانية) مسألة القدر والجرح والتعديل و (الثالثة) مسألة الرؤية و (الرابعة) مسألة الشفاعة.
مسألة
اعلم : أن الله تعالى متكلم ، له كلام عند أهل السنة والجماعة ، وأن كلامه قديم وليس بمخلوق ، ولا مجعول ، ولا محدث ، بل كلامه قديم صفة من صفات ذاته ، كعلمه وقدرته وإرادته ونحو ذلك من صفات الذات. ولا يجوز أن يقال كلام الله عبارة ولا حكاية ، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق ، ولا يجوز أن يقول أحد لفظي بالقرآن مخلوق ، ولا غير مخلوق ، ولا أني أتكلم بكلام الله ، هذه جملة أنا أفضلها واحدا واحدا إن شاء الله تعالى.
مسألة
فأما الدليل على كون كلام الله قديما غير مخلوق ، فمن الكتاب قوله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف : ٥٤] فصل بين الخلق والأمر ، فدل على أن الأمر غير مخلوق لأن كلامه أمر ونهي وخبر. وأيضا قوله تعالى : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) [الأحزاب : ٤] ويدل عليه أيضا قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)) [النّحل : ٤٠] ولو أن كلامه مخلوق لاحتاج في خلقه إلى قول يقول به «كن» واحتاج القول إلى قول ثالث ، والثالث إلى رابع ، إلى ما لا نهاية له ، وهذا محال باطل ، فثبت أن القول الذي تكون به الأشياء المخلوقة غير مخلوق ، وهو كلامه القديم.
ويدل عليه من السنة : قوله صلىاللهعليهوسلم : «فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه». فلما كان فضل الله على خلقه بقدمه ودوامه ؛ لأنه غير مخلوق وهم مخلوقون ، فكذلك القول في كلامه ، فوجب أن يكون غير مخلوق ، وكلامهم مخلوقا.
ويدل عليه أيضا : أن أبا الدرداء لما سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن القرآن فقال : «كلام الله غير مخلوق».