له مثلا فليس كمثله شيء وليس كذلك، إنما معناه عند أهل اللغة أن يقام المثل مقام الشيء نفسه يقول الرجل مثلي لا يكلم مثلك، وإنما المعنى ليس كهو شيء.
ومنها قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ) [القلم: ٤٢](١). قال جمهور العلماء: يكشف عن شدة وأنشدوا: وقامت الحرب على ساق(٢). وقال آخر: وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا، قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناة الجدّ فيه شمّر عن ساقه فاستعيرت الساق في موضع الشدة وهذا قول الفراء وأبي عبيدة وثعلب واللغويين، وروى البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي صلى اللّه عليه وسلم «أن اللّه عزّ وجل يكشف عن ساقه»(٣). وهذه إضافة إليه معناها يكشف عن شدته وأفعاله المضافة إليه، ومعنى يكشف عنها يزيلها، وقال عاصم بن كليب: رأيت سعيد بن جبير غضب وقال: يقولون يكشف عن ساقه وإنما ذلك من أمر شديد.
وقد ذكر أبو عمر الزاهد: أن الساق بمعنى النفس، قال: ومنه قول علي رضي اللّه عنه لما قالت الشراة لا حكم إلا للّه تعالى فقال: لا بد من محاربتهم ولو
__________________
(١) ومما قاله الرازي في تفسير هذه الآية: يوم يكشف عن ساق جهنم أو عن ساق العرش أو عن ساق ملك مهيب عظيم واللفظ لا يدل إلا على ساق فأما إن ذلك الساق ساق أي شيء هو فليس في اللفظ ما يدل عليه.
وفي محاسن التأويل للعلامة الجمال القاسمي رحمه اللّه: وقال أبو سعيد الضرير: أي يوم يكشف عن أصل الأمر، وساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان، أي تظهر يوم القيامة حقائق الأشياء وأصولها فالساق بمعنى أصل الأمر وحقيقته استعارة من ساق الشجر.
(٢) قال البيهقي في كتابه (الأسماء والصفات) عند الاستشهاد بهذا الكلام من الشعر: عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ) [القلم: ٤٢] فقال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه من الشعر فإنه ديوان العرب.
(٣) في صحيح البخاري: ثنا آدم ثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: «يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة» الحديث، وقال الحافظ ابن حجر: ووقع في هذا الموضع «يكشف ربنا عن ساقه» وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك ثم قال: في قوله عن ساقه نكرة، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة بن زيد بن أسلم بلفظ (يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ) [القلم: ٤٢] قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة اه.
وقد أخذ ابن شاقلا على البخاري إخراجه حديث الساق في صحيحه لأنه من رواية ابن أبي هلال ويراه ليس من شرطه لضعفه. وقال ابن حزم أيضا: ابن أبي هلال ليس بالقوي قد ذكره بالتخليط يحيى وأحمد بن حنبل (ز).