فكان إذا كان في بعض المجالس قال (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) قد انفتقت فتوق من أنواع المفاسد يبعد ارتتاقها ولو كان لي حكم لكنت أجعل فلانا وزيرا وفلانا محتسبا وفلانا دويدارا وفلانا أمير البلد فيسمع أولئك وفي قلوبهم من تلك المناصب فكانوا يقومون في نصرته. ثم اعلم أن مثل هؤلاء قد لا يقدرون على مقاومة العلماء إذا قاموا في نحره فجعل له مخلصا منهم بأن ينظر إلى من الأمر إليه في ذلك المجلس فيقول له ما عقيدة إمامك فإذا قال كذا وكذا قال أشهد أنها حق وأنا مخطئ واشهدوا أني على عقيدة إمامك ، وهذا كان سبب عدم إراقة دمه ، فإذا انفضّ المجلس أشاع أتباعه أن الحق في جهته ومعه وأنه قطع الجميع ، ألا ترون كيف خرج سالما حتى حصل بسبب ذلك افتتان خلق كثير لا سيما من العوام ، فلما تكرر ذلك منه علموا أنه إنما يفعل ذلك خديعة ومكرا فكانوا مع قوله ذلك يسجنونه ولم يزل ينتقل من سجن إلى سجن حتى أهلكه الله عزوجل في سجن الزندقة والكفر ومن قواعده المقررة عنده وجرى عليها أتباعه التوقي بكل ممكن حقا كان أو باطلا ولو بالأيمان الفاجرة سواء كانت بالله عزوجل أو بغيره وأما الحلف بالطلاق فإنه لا يوقعه البتة ولا يعتبره سواء كان بالتصريح أو الكناية أو التعليق أو التنجيز وهذا مذهب فرقة الشيعة فإنهم لا يرونه شيئا وإشاعته هو وأتباعه أن الطلاق الثلاث واحدة خزعبلات ومكر وإلا فهو لا يوقع طلاقا على حالف به ولو أتى به في اليوم مائة مرة على أي وجه سواء كان حثا أو منعا أو تحقيق خبر فاعرف ذلك ، وأن مسألة الثلاث إنما يذكرونها تسترا وخديعة وقد وقفت على مصنف له في ذلك (١) وكان عند شخص شريف زينبي وكان يرد الزوجة إلى زوجها في كل واقعة بخمسة دراهم وإنما أطلعني عليه لأنه ظن أني منهم فقلت له : يا هذا أتترك قول الإمام أحمد وقول بقية الأئمة بقول ابن تيمية فقال : اشهد علي أني تبت وظهر لي أنه كذب في ذلك ولكن جرى على قاعدتهم في التستر والتقية فنسأل الله العافية من المخادعة فإنها صفة أهل الدرك الأسفل (٢) ثم اعلم قبل الخوض في ذكر بعض ما وقع منه وانتقد عليه أنه يذكر في بعض مصنفاته كلام رجل من أهل الحق ويدس في غضونه شيئا من معتقده الفاسد فيجري عليه الغبي بمعرفة كلام أهل الحق فيهلك وقد هلك بسبب ذلك خلق كثير وأعمق من ذلك أنه يذكر أن ذلك
__________________
(١) هذا شيء مدهش جدا ولو لا أن الذي يحكيه الإمام الحصني المعروف بشحه على دينه ما وجد ما يحكيه إلى القلوب سبيلا ، اه مصححه.
(٢) لا يتردد عاقل في أن ما سيحكيه الإمام الحصني بعد فعل دجاجلة لا علماء فليقرأه العاقل وليعجب كيف يكون من هذه بلاياهم أئمة في دين الله ، اه مصححه.