سلخ رجب جمعوا القضاة والفقهاء وعقد مجلس بالميدان أيضا وحضر نائب السلطنة أيضا وتباحثوا في أمر العقيدة وسلك معهم المسلك الأول فلما كان بعد أيام ورد مرسوم السلطان صحبة بريدي من الديار المصرية بطلب قاضي القضاة نجم الدين بن صصري وبابن تيمية وفي الكتاب (تعرفونا ما وقع في سنة ثمان وتسعين في عقيدة ابن تيمية) فطلبوا الناس وسألوهم عما جرى لابن تيمية في أيام نقل عنه فيها كلام قاله وأحضروا للقاضي جلال الدين القزويني العقيدة التي كانت أحضرت في زمن قاضي القضاة إمام الدين وتحدثوا مع ملك الأمراء في أن يكاتب في هذا الأمر فأجاب فلما كان ثاني يوم وصل مملوك ملك الأمراء على البريد من مصر وأخبر أن الطلب على ابن تيمية كثير وأن القاضي المالكي قائم في قضيته قياما عظيما وأخبر بأشياء كثيرة من الحنابلة وقعت في الديار المصرية وأن بعضهم صفع فلما سمع ملك الأمراء بذلك انحلت عزائمه عن المكاتبة وسير شمس الدين بن محمد المهمندار إلى ابن تيمية وقال له قد رسم مولانا ملك الأمراء بأن تسافر غدا وكذلك راح إلى قاضي القضاة فشرعوا في التجهيز وسافر صحبة ابن تيمية أخواه عبد الله وعبد الرّحمن وسافر معهم جماعة من أصحاب ابن تيمية وفي سابع شوال وصل البريدي إلى دمشق وأخبر بوصولهم إلى الديار المصرية وأنه عقد لهم مجلس بقلعة القاهر بحضرة القضاة والفقهاء والعلماء والأمراء ، فتكلم الشيخ شمس الدين عدنان الشافعي وادعى على ابن تيمية في أمر العقيدة ، فذكر منها فصولا فشرع ابن تيمية فحمد الله تعالى وأثنى عليه وتكلم بما يقتضي الوعظ فقيل له يا شيخ إن الذي تقوله نحن نعرفه وما لنا حاجة إلى وعظك وقد ادعي عليك بدعوى شرعية فأجب ، فأراد ابن تيمية أن يعيد التحميد فلم يمكنوه من ذلك بل قيل له أجب فتوقف وكرر عليه القول مرارا فلم يزدهم على ذلك شيئا وطال الأمر فعند ذلك حكم القاضي المالكي بحبسه وحبس أخويه معه فحبسوه في برج من أبراج القلعة فتردد إليه جماعة من الأمراء فسمع القاضي بذلك فاجتمع بالأمراء وقال يجب عليه التضييق إذا لم يقتل وإلا فقد وجب قتله وثبت كفره فنقلوه إلى الجب بقلعة الجبل ونقلوا أخويه معه بإهانة وفي سادس عشر ذي القعدة وصل من الديار المصرية قاضي القضاة نجم الدين بن صصري وجلس يوم الجمعة في الشباك الكمالي وحضر القراء والمنشدون وأنشدت التهاني وكان وصل معه كتب ولم يعرضها على نائب السلطنة فلما كان بعد أيام عرضها عليه فرسم ملك الأمراء بقراءتها والعمل بما فيها امتثالا للمراسيم السلطانية وكانوا قد بيتوا على الحنابلة كلهم بأن يحضروا إلى مقصورة الخطابة بالجامع الأموي بعد الصلاة وحضر القضاة كلهم بالمقصورة وحضر