رفع الروح ... الخ» ثم يذكر «أن لأهل هذه الطريقة في أحاديث الرفع والنزول تخريجين : أحدهما أنها آحاد تتعلق بأمر اعتقادي ، والأمور الاعتقادية لا يؤخذ فيها إلا بالقطعي وليس في الباب حديث متواتر ، وثانيهما تأويل النزول» بنحو ما سبق نقله عن شرح المقاصد (١).
وقد ورد على المغفور له السيد رشيد رضا سؤال من «تونس» وفيه «ما حالة سيدنا عيسى الآن؟ وأين جسمه من روحه؟ وما قولكم في الآية : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ) [آل عمران : ٥٥] وإن كان حيا يرزق كما كان في الدنيا فمم يأتيه الغذاء الذي يحتاج إليه كل جسم حيواني كما هي سنّة الله في خلقه؟» فأجابه السيد رشيد إجابة مفصّلة عما سأل عنه نقتطف منها ما يأتي :
قال بعد أن عرض للآيات وآراء المفسرين فيها «وجملة القول إنه ليس في القرآن نص صريح في أن عيسى رفع بروحه وجسده إلى السماء حيّا حياة دنيوية بهما بحيث يحتاج بحسب سنن الله تعالى إلى غذاء فيتوجه سؤال السائل عن غذائه ، وليس فيه نص صريح بأنه ينزل من السماء وإنما هي عقيدة أكثر النصارى ، وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهور الإسلام بثها في المسلمين» ثم تكلم عن الأحاديث وقال : «إن هذه المسألة من المسائل الخلافية حتى بين المنقول عنهم رفع المسيح بروحه وجسده إلى السماء» (٢).
أما المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي فقد كتب بمناسبة السؤال الذي رفع إليه وكان سببا في فتوانا ، إجابة جاء فيها : «ليس في القرآن الكريم نص صريح قاطع على أن عيسى عليهالسلام رفع بجسمه وروحه ، وعلى أنه حي الآن بجسمه وروحه. وقول الله سبحانه : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [آل عمران : ٥٥] الظاهر منه أنه توفاه وأماته ثم رفعه ، والظاهر من الرفع بعد الوفاة أنه رفع درجات عند الله كما قال في إدريس عليهالسلام : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)) [مريم : ٥٧] وهذا الظاهر ذهب إليه بعض
__________________
(١) الجزء الثالث من تفسير المنار.
(٢) الجزء العاشر من المجلد الثامن والعشرين للمنار.