وأساء المقارنة بينهما ، وليس التلاعب بالمعتقد والأحكام العملية مما يرفع رأس الأمة عاليا ، بل ينكّس رأسها ، ويجعلها تذوق مرارة الانحلال في الاعتقاد والعمل والخلق.
فليعمل دعاة التجديد في الدين (معروفا) مع أنفسهم ، ومع الأمة ، وليقلعوا عن المساس بأحكام الدين ، وكفاهم أن يتوسّعوا في العلوم الإسلامية ، ويحافظوا على التراث كما هو ، غير ملموس بالتحوير والتغيير ، فينالون بذلك كلّ الثناء وكلّ الشكر.
وليس الدين مما يبدّل كل يوم ، وإن أبوا إلا تبديل الشّعار ، وتغيير الأحكام العملية والاعتقادية ، بشتى الوسائل ، تبعا لأهواء المتهوّسين ، فلا تتأخّر عنهم نقمة الله ومقت المسلمين.
وقد سبق أن تطاول بعض المشايخ على كثير من الأسس القويمة قبل عام (١) فردّ عليه أهل العلم بما يرجع الحقّ إلى نصابه ، والآن يعيد الكرّة! ويصرّ على إنكار رفع عيسى عليهالسلام حيّا ونزوله في آخر الزمان ، على خلاف معتقد المسلمين ، بمقالات ينشرها في مجلة الرسالة ، يزداد فيها بعدا عن الجادة ، وعن أسس العلم ، وتشكيكا للعامة في العمل والاعتقاد.
ولا أدري أيّ حاجة كانت تدعوه إلى ذلك الإنكار ، أم أيّ فائدة كان يتصور أن تجنيها الأمة من وراء جنايته على اعتقادهم؟! فإن كانت بيّت مخالفتهم رغم قيام الأدلة ضدّ رأيه ، كان في إمكانه الإسرار بفتياه إلى المستفتي كما فعل شيخه (٢) ، وأما بعد أن جاهر بها وأعلن وأصرّ واستكبر ، فلا نوعد أن نبقى في عداد الشياطين الخرس عن إبطال الباطل ، فنردّ في فصول على تلبيساته وتشكيكاته بإذن الله سبحانه ، وهو ولي التوفيق.
__________________
(١) هو الشيخ محمود شلتوت ، المردود عليه بهذا الكتاب ، فقد كتب أكثر من مقال في مجلة الرسالة بعنوان (شخصيات الرسول) ، خلط فيه وبلط! فردّ عليه الإمام الشيخ الخضر حسين ، شيخ الأزهر فيما بعد ، وغيره من العلماء ، فيشير الإمام الكوثري هنا إلى مزالق الشيخ شلتوت في تلك المقالات وأمثالها.
(٢) هو الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر آنذاك.