إمامي أهل السنة عن هذا الرد المسمى «السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل» جملة نافعة من مقدمته. والتقي السبكي أوجز في رده مكتفيا بلفت النظر إلى كلمات الناظم الخطرة في الغالب بدون أن يناقشه فيها كثيرا ، باعتبار أن الاطلاع عليها يكفي بمجرده في نبذها وتضليل قائلها ، ولو كان السبكي يرى ابن القيم يستأهل المناقشة لأوسع في الرد عليه ، لأنه كان أنظر أهل عصره ـ كما قال الإسنوي وغيره من المحققين ـ لكنه كان يعده في غاية من الغباوة فاكتفى في غالب الأبحاث بلفت نظر عامة العلماء إلى أهوائه البشعة ، والتقي السبكي من ألطف أهل العلم لهجة وأنزههم لسانا مع من يرد عليهم. لكن حيث إن الناظم أسرف في ضلاله وإضلاله اضطر التقي في رده عليه إلى بعض إغلاظ في حقه صونا لمن عسى أن يندع بتلبيساته ، وقرعا للعبد بالعصا ، وهو معذور في ذلك بل إغلاظه ليس بشيء في جنب ما تقول به ابن القيم في حق جمهور أهل الحق.
ودونك نونيته التي ردّ عليها السبكي وهي أصدق شاهد لما قلنا.
ونونية ابن القيم هذه من أبشع كتبه وأبعدها غورا في الضلال وأشنعها إغراء للحشوية ضد أهل السنة ، وأوقحها في الكذب على العلماء كما ترى إيضاح ذلك في مقدمة «السيف الصقيل» فلا نزاحم السبكي في شرح بشاعة طريقته فيها إلا أنا نشير هنا إلى أن ابن القيم كلما تراه يزداد تهويلا وصراخا باسم السنة في كتابه هذا يجب أن تعلم أنه في تلك الحالة متلبس بجريمة خداع خبيث وأنه في تلك الحالة نفسها في صدد تلبيس ودس شنيعين ، وإنما تلك التهويلات منه لتخدير العقول عن الانتباه لما يريد أن يدسه في غضون كلامه من بدعه المخزية كما يظهر من مطالعة النونية بتبصر ويقظة.
وإنما اختار طريق النظم في ذلك ليسهل عليه أن يهيم في كل واد ، ولو لا أنها طبعت مرارا وتكرارا ممن لا بغية له من طبعها غير عدد من القرش يملأ به الكرش. قام بذلك الدين أم قعد ، بدون أن يقوم أحد من العلماء المعاصرين بالرد عليها ، لكان إهمال الرد عليها أنسب ، لكن لم يبق بعد تكرر طبعها مع تقاعس أهل العلم عن ردها مساغ للإهمال ، فوجب تقويض دعائهما بنشر كتاب السبكي مع تعليق كلمات عليه في مواضع رأيناها في حاجة إلى التعليق ، وقد سميت ما علقته «تكملة الرد على نونية ابن القيم».
والله سبحانه ولي النفع وعليه توكلت وإليه أنيب ..
محمد زاهد بن الحسن الكوثري
عفا عنهما