وهم الحشوية (١) والثالثة ما غلب عليها أحدهما بل بقي الأمران مرعيين عندها على حد سواء وهم الأشعرية وجميع الفرق الثلاث في كلامها مخاطرة إما خطأ في بعضه وإما سقوط هيبة ، والسالم من ذلك كله ما كان عليه الصحابة والتابعون وعموم الناس
__________________
ـ عليهالسلام معاوية وسلّم إليه الأمر اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس ـ وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي ـ ولزموا منازلهم ومساجدهم ، وقالوا نشتغل بالعلم والعبادة فسموا بذلك معتزلة» اه ثم ذكر أئمتهم من البصريين والبغداديين وسرد بعض آرائهم في عدة أوراق. وهو من محفوظات الظاهرية بدمشق تحت رقم ٥٩ في التوحيد ولتقديمهم فضل الدفاع عن الدين الإسلامي والرد على الزنادقة والنصارى واليهود ، لكن تحكيمهم للعقل وكثرة احتكاكهم بفرق الزيغ أديا بكثير منهم ولا سيما المتأخرين إلى صنوف من البدع الرديئة كما أشرت إلى ذلك في مقدمة ما كتبته على «تبيين كذب المفتري».
(١) ومنهم أصناف المشبهة والمجسمة ، وسبب تسميتهم حشوية أن طائفة منهم حضروا مجلس الحسن البصري بالبصرة وتكلموا بالسقط عنده فقال : ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة ـ أي جانبها ـ فتسامع الناس ذلك وسموهم الحشوية بفتح الشين ، ويصح إسكانها ـ لقولهم بالتجسيم لأن الجسم محشو ـ راجع شفاء الغليل للشهاب الخفاجي ، وذيل لب اللباب في تحرير الأنساب للشيخ المحدث أبي العباس أحمد العجمي ، ومقدمة ما كتبنا ، على تبيين كذب المفتري. والحشوية هم الذين حادوا عن التنزيه وتقوّلوا في الله بأفهامهم المعوجة وأوهامهم الممجوجة ، وهم مهما تظاهروا باتباع السلف إنما يتابعون السلف الطالح دون السلف الصالح ولا سبيل إلى استنكار ما كان عليه السلف الصالح من إجراء ما ورد في الكتاب والسنة المشهورة في صفات الله سبحانه على اللسان ، مع القول بتنزيه الله سبحانه تنزيها عاما بموجب قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] بدون خوض في المعنى ولا زيادة على الوارد ولا إبدال ما ورد بما لم يرد. وفي ذلك تأويل إجمالي بصرف الوارد في ذات الله سبحانه عن سمات الحدوث من غير تعيين المراد وهم لم يخالفوا في أصل التنزيه الخلف الذين يعينون معنى موافقا للتنزيه بما يرشدهم إليه استعمالات العرب وأدلة المقام وقرائن الحال على أن الخلف يفوضون علم ما لم يظهر لهم وجهه كوضح الصبح إلى الله سبحانه.
فالخلاف بين الفريقين هين يسير وكلاهما منزّه ، وإنما السبيل على الذين يحملون تلك الألفاظ على المعاني المتعارفة بينهم عند إطلاقها على الخلق ويستبدلون بها ألفاظا يظنونها مرادفة لها ويستدلون بالمفاريد والمناكير والشواذ والموضوعات من الروايات. ويزيدون في الكتاب والسنة أشياء من عند أنفسهم ويجعلون الفعل الوارد صفة إلى نحو ذلك فهؤلاء يلزمون مقتضى كلامهم وهم الحشوية. فمن قال إنه استقر بذاته على العرش وينزل بذاته من العرش ، ويقعد الرسول صلىاللهعليهوسلم على العرش معه في جنبه وإن كلامه القائم بذاته صوت وإن نزوله بالحركة والنقلة وبالذات وإن له ثقلا يثقل على حملة العرش ، وأنه متمكن بالسماء أو العرش ، وأن له جهة وحدا وغاية ومكانا ، وأن الحوادث تقوم به وأنه يماس العرش أو أحدا من خلقه ونحو ذلك من المخازي فلا نشك في زيغه وخروجه وبعده عما يجوز في الله سبحانه. وهذا مكشوف جدا فلا يمكن ستر مثل تلك المخازي بدعوى السلفية ، والذين يدينون بها هم الذين نستنكر عقائدهم ونستسخف أحلامهم ، ونذكرهم بأنهم نوابت حشوية.