ما يتبرأ منها على هذه الصورة إلا ملحد ، والذي يعتقد ذلك يقول إنه تعالى يفعل ما يشاء وأطال الناظم في هذا كثيرا بجهل وصبية أو تقليد لمن هو مثله ثم قال :
«وكذاك أفعال المهيمن لم تقم |
|
أيضا به خوفا من الحدثان |
فإذا جمعت مقالتيه أنتجا |
|
كذبا (وزورا واضح البهتان)» |
يعني أن فعل العبد فعل الله وفعل الله ما هو في ذاته إنتاجا بجهله ما يقوله وهو قوله :
«فهناك لا خلق ولا أمر ولا |
|
وحي ولا تكليف عبد فان» |
ما هذه إلا قحة وبلادة يأخذ ما يتوهمه لازما فيستنتج وينكر على الناس إلزامه التجسيم اللازم ، ثم قال :
«فانظر إلى تعطيله الأوصاف (١) وال |
|
أفعال والأسماء للرحمن» |
يا جاهل من قال بحدوث الأفعال كيف يلزمه التعطيل؟ ثم قال :
«ما ذا الذي في ضمن ذا التعطيل |
|
نفى ومن جحد ومن كفران» |
إذا رجعنا إلى الخلاف بينك وبينه وجدناك كاذبا عليه ليس في القول بحدوث الأفعال لا نفي ولا جحود ولا كفران ، ثم قال :
«لكنه أبدى المقالة هكذا |
|
في قالب التنزيه للرحمن» |
«وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه |
|
عجلا ليفتن أمة الثيران» |
الله عند لسان كل قائل. الرجل إنما قال ذلك في قالب التنزيه ولم نعلم نحن باطنه فمن أين لك أنه قصد خلافه وصاغ الكفر عجلا ثم قال :
«فرآه ثيران الورى فأصابهم |
|
كمصاب إخوتهم قديم زمان» |
__________________
(١) والناظم المسكين قائل بحوادث لا أول لها انخداعا منه بشبه أوردها الفلاسفة في بحث الحدوث غير متصور اتصاف الله سبحانه بصفاته العليا قبل صدور الأفعال منه تعالى. واستنكار شيخه «كان الله ولم يكن معه شيء» مما استبشعه ابن حجر في فتح الباري جد الاستبشاع. وحدوث الأفعال فيما لا يزال لا يلزم منه تعطيل الصفات أصلا لا في زمن حدوث الأفعال ولا في غيره وهو تعالى سريع الحساب وشديد العقاب قبل خلق الكون وقبل النشور وهل يتصور عاقل أن يحاسب الله خلقه أو يعاقبه قبل أن يخلقهم؟ وهذا يهد مزاعم الناظم الذي يجري الصفات على مجرى واحد ، فالله القادر مختار يفعل ما يشاء متى شاء.