فهذان قولان الأول نص الفصوص وما بعده قول ابن سبعين وما القولان عند العفيف التلمساني الذي هو غاية في الكفر إلا من الأغلاط في حس وفي وهم وتلك طبيعة الإنسان والكل شيء واحد» وأطال في أقوالهم.
فصل
قال :
«وأتى فريق ثم قال وجدته |
|
بالذات موجودا بكل (١) مكان |
هو كالهواء بعينه لا عينه |
|
ملأ الخلاء ولا يرى بعيان |
والقوم ما صانوه عن بئر ولا |
|
قبر ولا حش ولا أعطان |
وعليهم رد الأئمة أحمد |
|
وصحابه من كل ذي عرفان |
فهم الخصوم لكل صاحب سنة |
|
وهم الخصوم لمنزل القرآن» |
هؤلاء أيضا ليس علينا منهم.
فصل
ثم قال :
«وأتى فريق (٢) ثم قارب وصفه |
|
هذا ولكن جد في الكفران |
فأسر قول معطل ومكذب |
|
في قالب التنزيه للرحمن |
__________________
(١) وهذا بظاهره قول بالتجسيم كقول من يقول إنه مستقر على العرش ، وإن كان مراده أنه لا يوصف بمكان دون مكان ، بل نسبته إلى الأمكنة على حد سواء لتعاليه عن الجهات ، فهو قول متكلمي أهل السنة والمعتزلة ، ولعل هذا اللفظ لفظ من حكى هذا المذهب تشنيعا ، وأما إن كان بيانا لمذهب جهم على خلل في اللفظ فهو داخل في الفريق القائل بوحدة الوجود ، فلا وجه لإفراده بكل حال. ونسبة كتاب (الرد على الجهمية) الذي فيه الرد على هؤلاء إلى أحمد نسبة كاذبة ، وراويه الخضر بن المثنى مجهول ، وقد أنصف الذهبي حيث قال : وفي النفس شيء من صحة هذه النسبة. ويقول الناظم في عزوه : إن الخضر المذكور عرفه الخلال. لكن لو كان بمثل هذا القول تزول الجهالة لما وجد بين الرواة مجهول أصلا ، على أن نظرنا إلى الخلال وغلامه ليس كنظر الناظم وشيخه إليهما فضلا عمن دونهما في السند من مقلدة الحشوية بل في متن (الرد على الجهمية) ما يجل مقدار أحمد عن أن يفوه بمثله جزما.
(٢) وهم أهل السنة خصوم كل مجسم وزائغ ، وهم يقولون إنه لا يقال إن الله في داخل العالم ، كما لا يقال إنه في خارج العالم ، ولا إنه مستقر على العرش لأن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة ، ولأن ذلك شأن الأجسام ، ومن جوّز في معبوده الدخول والخروج والاستقرار فهو عابد وثن ، ويؤيدهم البراهين والآيات الواردة في التنزيه. وليس للمشبهة شبه شبهة في ذلك كما سيأتي رغم أنف هذا الناظم الزائغ.