__________________
ـ دون كتاب الإيمان ـ حيث اشتمل على تشميت العاطس في الصلاة ومنع النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، ولم يخرجه البخاري في صحيحه وأخرج في جزء خلق الأفعال ما يتعلق بتشميت العاطس من هذا الحديث مقتصرا عليه دون ما يتعلق بكون الله في السماء بدون أي إشارة إلى أنه اختصر الحديث وليس في رواية الليثي عن مالك لفظ «فإنها مؤمنة». وأما عدم صحة الاحتجاج به في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات ، قال الله تعالى : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) [الأنعام : ١٢] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى ، وقال تعالى : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [الأنعام : ١٣] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى ، فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنزيه سبحانه عن المكان والزمان ، كما في أساس التقديس للفخر الرازي ، ولأن الحديث فيه اضطراب سندا ومتنا رغم تصحيح الذهبي وتهويله راجع طرقه في كتاب العلو للذهبي وشروح الموطأ وتوحيد ابن خزيمة حتى تعلم مبلغ الاضطراب فيه سندا ومتنا ، وحمل ذلك على تعدد القصة لا يرضاه أهل الغوص في الحديث والنظر معا في مثل هذا المطلب. فالروايات على رجل مبهم محمولة على ابن الحكم ، ولم يصح حديث كعب بن مالك ولا حديث يروى عن امرأة ، فمالك يرويه عن عمر بن الحكم غير مقر بأن يكون غلطا فيه ، ومسلم عن معاوية بن الحكم ولفظهما كما سبقت الإشارة إليه مع نقص لفظ «فإنها مؤمنة» في رواية مالك. ولفظ ابن شهاب في موطأ مالك عن أنصاري ـ وهو صاحب القصة في الرواية الأولى ـ (فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت : نعم ، قال : أتشهدين أن محمدا رسول الله؟ قالت : نعم) وأين هذا من ذاك؟ وستعرف حال الذهبي في أواخر الكتاب فلا تلتفت إلى تهويله وتحريفه في هذا الباب فلعل لفظ (أين الله) تغيير بعض الرواة على حسب فهمه. والرواية بالمعنى شائعة في الطبقات كلها وإذا وقعت الرواية بالمعنى من غير فقيه فهناك الطامة ، وصاحب القصة لم يكن من فقهاء الصحابة ولا له سوى هذا الحديث في التحقيق ، بل كان أعرابيا يتكلم في الصلاة. على أن (أين) تكون للسؤال عن المكان وللسؤال عن المكانة حقيقة في الأول ومجازا في الثاني أو حقيقة فيهما ، قال أبو بكر ابن العربي في شرح حديث أبي رزين في العارضة : المراد بالسؤال بأين عنه تعالى المكانة ، فإن المكان يستحيل عليه ، وأين مستعملة فيه ، وقيل إن استعمالها في المكان حقيقة وفي المكانة مجاز وقيل هما حقيقتان ، وكل جار على أصل التحقيق مستعمل على كل لسان وعند كل فريق اه. وقال أبو الوليد الباجي في المنتقى : يقال مكان فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه ، فلعل الجارية تريد وصفه بالعلو ، وبذلك يوصف كل من شأنه العلو اه فيكون معنى «أين الله» ما هي مكانة الله عندك ومعنى «في السماء» أنه تعالى في غاية من علو الشأن ، يتحد هذا المعنى مع معنى «أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم» فإن قيل فليكن لفظ الرسول صلىاللهعليهوسلم هو «أين الله ولفظ الراوي هو «أتشهدين ...» رواية بالمعنى على الصورة السابقة فالجواب أنه لم يصح عن النبي صلىاللهعليهوسلم في تلقين الإيمان طول أداء رسالته السؤال بأين أو ذكر ما يوهم المكان ولا مرة واحدة في غير هذه القصة المضطربة بل الثابت هو تلقين كلمة الشهادة ، فاللفظ الجاري على الجادة أجدر بأن يكون لفظ الرسول صلىاللهعليهوسلم ، على أن المحقق