قلت : يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال : «كان في عماء ما تحته
__________________
ـ عن حبان بن هلال عن حماد بن سلمة) لا يمكن اتخاذه حجة في كون هذا الخبر مرويا عن حماد بن سلمة بطريق ابن شجاع منفردا به لأن بين الشعراني وبين ابن شجاع نحو مائة سنة فلا يقل الساقط من الرجال من بينهم عن نحو ثلاثة ، هكذا يفضح الله من يتطاول على الأئمة. راجع ما علقناه على تبيين كذب المفتري في (ص ٣٦٩) ومن اطلع على كتاب (نقض عثمان بن سعيد على الجهمي العنيد) الجاري طبعه يعرف سبب مقت الحشوية لهذا الإمام الجليل ، بل يكفي في معرفة حال حماد ابن سلمة الاطلاع على كتب الموضوعات المبسوطة ، في باب التوحيد منها خاصة فيرى فيها القارئ أخبارا تالفة رويت بطريقه بكثرة بل ما سرده ابن عدي نفسه في الكامل في ترجمة حماد هذا من الأحاديث التالفة المروية بطريقه كاف في معرفة سقوط ما يروى بطريقه في الصفات بل سقوط ابن عدي المتحمس دونه.
منها روايته عن قتادة عن عكرمة ... أن محمدا رأى به في صورة شاب أمرد ...) وفي لفظ (... جعدا أمرد عليه حلة خضراء ...) إلى غير ذلك من الألفاظ الفاضحة ، وقد روى ابن عساكر بطريق أبي القاسم السمرقندي عن قتادة (الأعمى) : إني ما حفظت عن عكرمة إلا بيت شعر ، وهذا دليل على أنه لم يرض روايته الحديث ، وأما ما يروى عن أحمد من سماع قتادة عن عكرمة عدة أحاديث فلا يثبت عن أحمد لأنه بطريق رواة من المجسمة القائلين بإقعاد الله رسوله صلىاللهعليهوسلم في جنبه على العرش ، تعالى الله عن ذلك ، وقد توسع الفخر بن المعلم القرشي في رد ما يروى عن عكرمة في هذا الصدد ثم قال «فمعاذ الله أن يرى ربه على صورة أصلا فكيف على صورة قد ذكر مثلها أو أكثرها عن المسيح الدجال» اه.
فمن التهور البالغ قول ابن صدقة «من لم يؤمن بحديث عكرمة فهو زنديق» بل من يقول به هو الزنديق ، ويأسف المرء أن يرى بعض تلك الروايات التالفة مدونا في كتاب (أخبار الصفات) للدارقطني. وابن المعلم القرشي يؤكد أنه مدسوس في كتاب الدارقطني وليس ببعيد بالنظر إلى أن راويه عنه العشاري والراوي عنه ابن كادش ، وستعرف قيمتهما في أواخر ما علقناه على هذا الكتاب. ويظهر مما رفعه أبو إسحاق الشيرازي وأصحابه إلى نظام الملك من المحضر ـ في فتنة الحشوية ببغداد ضد ابن القشيري ـ اتخاذ رواية حماد هذه دينا فليراجع المحضر المذكور في (تبيين كذب المفتري) لابن عساكر (ص ٣١٠) وفيه ما نصه «... وأبوا إلا التصريح بأن المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل ، وأنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب أمرد بشعر قطط وعليه تاج يلمع وفي رجليه نعلان من ذهب ...» تعالى الله عما يشركون. وفي مرسوم الخليفة العباسي الراضي الذي أصدره في فتنة البربهاري ما نصه «... وتارة إنكم تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين وهيئتكم الرذلة على هيئته وتذكرون الكف والأصابع والرجل والنعلين المذهبين والشعر القطط والصعود إلى السماء والنزول إلى الدنيا ، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا ...» كما في الكامل لابن الأثير (٨ ـ ٩٨) إلى غير ذلك من الفضائح المكشوفة ، وحديث أم الطفيل أنكره أحمد والنسائي فلا يمكن أن يصح مثل تلك الرواية لا يقظة ولا مناما ، راجع دفع الشبه لابن الجوزي و (نجم المهتدي) والله ولي الهداية.