وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
تمّ السيف الصقيل
__________________
ـ التقي ابن قاضي شهبة منقولا عن خط البرهان ابن جماعة المنقول من خط الحافظ أبي سعيد الصلاح العلائي المنسوخ من خط الشمس الذهبي نفسه ، وخط التقي ابن قاضي شهبة معروف وتوجد كتب بخطه في دار الكتب المصرية والخزانة الظاهرية بدمشق منها قطعة من طبقات الشافعية بدار الكتب المصرية ، ومنها ما انتقاه من التاريخ الكبير للذهبي مما يتعلق بتراجم الشافعية بالخزانة الظاهرية ففي إمكان الباحث الذي لا يعرف خط ابن قاضي شهبة أن يتأكد من خطه المقارنة بين الصورة الزنكوغرافية المنشورة هنا ، المأخوذة عن الرسالة المذكورة المحفوظة بدار الكتب المصرية وبين خطه المحفوظ في الدار والخزانة المذكورتين وإلى تلك الرسالة أشار السخاوي حيث قال في الإعلان بالتوبيخ : «ورأيت له رسالة كتبها لابن تيمية هي في دفع نسبته لمزيد تعصبه مفيدة» وذلك في صدد الدفاع عن الذهبي ردا على من ينسبه لفرط التعصب كما ذكرت في صدر الرسالة عند نشرها مع الزغل قبل سنين.
مقدمة رسالة الذهبي إلى ابن تيمية
وقبل الرسالة لا بد من ذكر مقدمة هنا ليكون القارئ على بينة من أمر ابن تيمية وهي أن ابن تيمية هذا ولد بحران ببيت علم من الحنابلة وقد أتى به والده الشيخ عبد الحليم مع ذويه من هناك إلى الشام خوفا من المغول ، وكان أبوه رجلا هادئا أكرمه علماء الشام ورجال الحكومة حتى ولّوه عدة وظائف علمية مساعدة له ، وبعد أن مات والده ولّوا ابن تيمية هذا وظائف والده بل حضروا درسه تشجيعا له على المضي في وظائف والده وأثنوا عليه خيرا كما هو شأنهم مع كل ناشئ حقيق بالرعاية. وعطفهم هذا كان ناشئا من مهاجرة ذويه من وجه المغول يصحبهم أحد بني العباس ـ وهو الذي تولى الخلافة بمصر فيما بعد ـ ومن وفاة والده بدون مال ولا تراث بحيث لو عيّن الآخرون في وظائفه للقي عياله البؤس والشقاء ، وكان في جملة المثنين عليه التاج الفزاري المعروف بالفركاح وابنه البرهان والجلال القزويني والكمال الزملكاني ومحمد بن الجريري الأنصاري والعلاء القونوي وغيرهم ، لكن ثناء هؤلاء غرّ ابن تيمية ـ ولم ينتبه إلى الباعث على ثنائهم ـ فبدأ يذيع بدعا بين حين وآخر وأهل العلم يتسامحون معه في الأوائل باعتبار أن تلك الكلمات ربما تكون فلتات لا ينطوي هو عليها ، لكن خاب ظنهم وعلموا أنه فاتن بالمعنى الصحيح فتخلوا عنه واحد إثر واحد على توالي فتنه ، كما سبق. والذهبي كان من أشياعه ومتابعيه إلا في مسائل ، لكنه لما وجد أن فتنه تأخذ كل مأخذ ولم يبق معه سوى مقلدة الحشوية والمنخدعين به وهم شباب بدأ يسعى في تهدئة الفتنة ، مرة يكتب إلى أضداده لأجل أن يخففوا لهجتهم معه ـ كما فعل مع السبكي على رواية ابن رجب ولم نطلع على غير صدر الجواب على تقدير صحة ذلك الصدر ـ ومرة يكتب هذه الرسالة إلى ابن تيمية نفسه.