الفعل على فاعله ، وما يجب كونه عليه من صفاته. نحو حياته ، وعلمه ، وقدرته ، وإرادته. وسمعي شرعي : دال من طريق النطق بعد المواضعة ، ومن جهة معنى مستخرج من النطق ، ولغوي : دال من جهة المواطأة والمواضعة على معاني الكلام ، ودلالات الأسماء والصفات وسائر الألفاظ ، وقد لحق بهذا الباب : دلالات الكتابات والرموز ، والإشارات والعقود ، الدالة على مقادير الأعداد ، وكل ما لا يدل إلا بالمواطأة والاتفاق. والدال هو ناصب الدليل : فالمدلول هو ما نصب له الدليل. والمستدل الناظر في الدليل ، واستدلاله نظره في الدليل وطلبه به علم ما غاب عنه.
٤ ـ وأن يعلم أن المعلومات على ضربين : معدوم وموجود ، لا ثالث لهما ولا واسطة بينهما. فالمعدوم : هو المنتقى الذي ليس بشيء. قال الله عزوجل : (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) [مريم : ٩] وقال تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١)) [الإنسان : ١] فأخبر أن المعدوم منتف ليس بشيء ، والموجود هو الشيء الكائن الثابت. وقولنا «شيء» إثبات ، وقولنا «ليس بشيء» نفي. قال الله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [الأنعام : ١٩] وهو سبحانه موجود غير معدوم.
وقول أهل اللغة : علمت شيئا ، ورأيت شيئا ، وسمعت شيئا ، إشارة إلى كائن موجود ، وقولهم : ليس بشيء هو واقع على نفي المعدوم ، ولو كان المعدوم شيئا كان القول ليس بشيء نفيا لا يقع أبدا إلا كذبا ، وذلك باطل بالاتفاق.
٥ ـ وأن يعلم أن الموجودات كلها على قسمين. منها : قديم لم يزل وهو الله تعالى ، وصفات ذاته التي لم يزل موصوفا بها ولا يزال كذلك. وقولهم : «أقدم ، وقديم» موضع للمبالغة في الوصف بالتقدم وكذلك أعلم وعليم ، وأسمع وسميع.
والقسم الثاني : محدث ، لوجوده أول ، ومعنى المحدث ما لم يكن ثم كان ، مأخوذ ذلك من قولهم : حدث بفلان حادث. من مرض ، أو صداع ؛ وأحدث بدعة في الدين ، وأحدث روشنا ، وأحدث في العرصة بناء ، أي فعل ما لم يكن من قبل موجودا.
٦ ـ وأن يعلم أن المحدثات كلها على ثلاثة أقسام : جسم ، وجوهر ، وعرض. فالجسم في اللغة هو : المؤلف المركب. يدل على ذلك قولهم : رجل جسيم وزيد أجسم من عمرو ، وهذا اللفظ من أبنية المبالغة ، وقد اتفقوا على أن معنى المبالغة في الاسم مأخوذ من معنى الاسم ؛ يبين ذلك أن قولهم : «أضرب» إذا أفاد كثرة الضرب