وأغلب الظن أن عبد الله ولد في بغداد ، ذلك أن والده يحيى كان صغيرا عند اشتراكه بالثورة ، ولأن عبد الله هو رابع أولاد يحيى إذ سبقه محمد وإبراهيم واسماعيل.
وسواء أكانت ولادته في البصرة أو في بغداد ، فإنه نشأ في أحضان بيئة علمية كان لها أكبر الأثر في تكوين شخصيته ، إذ كانت هاتان المدينتان حاضرتي العلم والمعرفة في ذلك العصر. وقد قضى معظم حياته ، إن لم نقل كلها ، في بغداد وفي دار الخلافة بالذات ، ذلك أن والده يحيى كان مقربا إلى الخليفة هارون الرشيد الذي جعله مؤدبا لولده المأمون ، وقد بقي يحيى وأولاده «منقطعين إلى الرشيد وأولاده ، ولهم فيهم مدائح كثيرة جياد (١).
٢ ـ منزلته وأخلاقه :
كان أبو عبد الرحمن اليزيدي ذا طباع كريمة وسجايا جميلة ، حصيف الرأي ، راجح العقل ، جيّد الفطنة ، حليما وقورا مستقيما ، وكان كسائر أفراد أسرته ثقة صدوقا ذا تمكن في العلم والمعرفة وحسن التصرف في علوم العرب.
وكان أديبا نحويا لغويا مقرئا ، وكان متبحرا بالعلوم القرآنية خاصة ، حتى شهد له بذلك معاصروه واعترفوا بعلمه وفضله ، ويكفينا في هذا المجال أن نذكر شهادة ثعلب أحد أرباب اللغة والنحو والقرآن. كان ثعلب يقول : «ما رأيت في أصحاب الفراء أعلم من عبد الله بن أبي محمد اليزيدي ، وهو أبو عبد الرحمن ، وخاصة في القرآن ومسائله» (٢).
__________________
(١) الأصفهاني ـ الأغاني ١٨ / ٧٤.
(٢) السمعاني ـ الأنساب ٦٠٠.