الملائكة وإبليس ، وإنّه سبحانه يقبض الأرض ويطوي السماوات بيده اليمنى. (١)
٦ ـ يقول الخطابي : وليس اليد عندنا الجارحة ، وإنّما هي صفة جاء بها التوقيف ، فنحن نطلقهاعلى ما جاء ولا نكيّفها. (٢)
٧ ـ يقول الإلكائي : إنّ وكيعاً قال : إذا سُئلتم عن ضحك ربّنا فقولوا سمعنا بها.(٣)
هذه العبارة ونظائرها تصبغ صفات الله بصبغة التعقيد والإبهام ، ولا تهدي الإنسان إلى معرفة. فإنّ اليد والوجه والرجل موضوعة للأعضاء الخاصة في الإنسان ، ولا يتبادر منها إلاّ ما يتبادر عند أهل اللغة ، وحينئذ فإن أُريد منها المعنى الحقيقي يلزم التشبيه ، وإن أُريد غيره فذلك الغير إمّا معنى مجازي أُريد منه بحسب القرينة فيلزم التأويل ، وهم يفرون منه فرار المزكوم من المسك. وإمّا شيء لا هذا ولا ذاك ، فما هو ذلك الغير؟ بيّنوه لناحتى تتّسم العقيدة بالوضوح والسهولة ، ونبتعد عن التعقيد والإبهام. وإلاّ فالقول بأنّ له وجهاً لا كالوجوه ، ويداً لا كالأيدي ألفاظ جوفاء وشعارات خداعة لا يستفاد منها شيء سوى تخديش الأفكار وتضليلها عن جادة الصواب.
وباختصار : إنّ المعنى الصحيح لا يخرج عن المعنى الحقيقي والمجازي ، وإرادة أمر ثالث خارج عن إطار هذين المعنيين يعد غلطاً وباطلاً ، وعلى هذا الأساس لو أُريد المعنى الحقيقي لزم التشبيه بلا إشكال ، ولو أُريد المعنى المجازي لزم التأويل ، والكلّ ممنوع عندهم ، فما هو المراد من هذه الصفات الواردة في الكتاب والسنّة؟
إنّ ما يلهجون به ويكرّرونه من أنّ هذه الصفات تجري على الله سبحانه بنفس معانيها الحقيقية ولكن الكيفية مجهولة ، أشبه بالمهزلة ، إذ لو كان إمرارها
ــــــــــــــــــ
١ ـ مجموعة الفتاوى : ٦/٣٦٢.
٢ ـ فتح الباري : ١٣/٤١٧.
٣ ـ علاقة الإثبات والتفويض : ٩٧.