تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَميلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كَالمُعَلَّقةِ وَأَنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ). (١)
وبالتأمّل في جمل الآية ، يظهر أنّ العدالة التي أمر بها ، غير العدالة التي أخبر عن عدم استطاعة المتزوج القيام بها. فالمستطاع منها هو الذي يقدر عليه كلّ متزوج بأكثر من واحدة ، وهو العدالة في الملبس والمأكل والمسكن ، وغيرها من الحقوق الزوجية التي يقوم بها الزوج بجوارحه ، ولا صلة لها بباطنه.
وأمّا غير المستطاع منها فهو المساواة في إقبال النفس والبشاشة والأنس ، لأنّ الباعث عليها الوجدان النفسي والميل القلبي ، وهو ممّا لا يملكه المرء ولا يحيط به اختياره.
والآية بصدد التنبيه على أنّ العدل الكامل بين النساء غير مستطاع ، ولا يتعلّق به التكليف ، ومهما حرص الإنسان على أن يجعل المرأتين كالغرارتين المتساويتين في الوزن لا يستطيعه ، وهذا هو العدل الحقيقي التام. (٢)
وباختصار : إنّ المنفي هو العدل الحقيقي الواقعي من غير تطرّف أصلاً ، وهو ليس محلاً للتكليف ، والمثبت المشروع الذي أمر به هو العدل التقريبي الذي هو في وسع كلّ متزوج بأكثر من واحدة. (٣)
ــــــــــــــــــ
١ ـ النساء : ١٢٩.
٢ ـ المنار : ٥/٤٤٨.
٣ ـ الميزان : ٥/١٠٦.