يوم يكشف عن ساق الجملة كناية عن اشتداد الأمر وتفاقمه ، وإن لم يكن هناك كشف ولا ساق ، وذلك لأنّ الإنسان عند الشدة يكشف عن ساقيه ، ويخوض غمار الحوادث. وهذا كما يقال للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، وإن لم يكن هناك يد ولا غل. ويدعون إلى السجود : لا طلباً ولا تكليفاً جدّياً ، كما زعمه الشيخ أبو الحسن ، بل لازدياد الحسرة على تركهم السجود في الدنيا مع سلامتهم. فلا يستطيعون : لسلب السلامة منهم (١) أو لاستقرار ملكة الاستكبار في سرائرهم ، واليوم تبلى السرائر. (٢) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة : تكون أبصارهم خاشعة ويغشاهم في ذلك اليوم ذلّة. وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون : إنّهم لماّ دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا عنه مع صحتهم وصحّة أبدانهم ، يدعون إلى السجود في الآخرة ولكن لا يستطيعون ، وذلك لتزداد حسرتهم وندامتهم على ما فرطوا حين دعوا إليه في الدنيا وهم سالمون أصحاء.
ومجموع جمل الآية تعرب بوضوح عن أنّ الدعوة فيها لا تكون عن تكليف جدي ، بل لغايات أُخرى لا يشترط فيها القدرة.
وأمّا الآية الرابعة ، فلا شكّ أنّ الله سبحانه أمر بالعدالة من يتزوج أكثر من واحدة قال سبحانه : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةٌ ) (٣) وفي الوقت نفسه أخبر في آية أُخرى عن عدماستطاعة المتزوّجين أكثر من واحدة على أن يعدلوا. ولكن نهى عن التعلّق التام بالمحبوبة منهن ، والإعراض عن الأُخرى رأساً ، حتى تصير كالمعلّقة لا متزوّجة ولا مطلّقة ، قال سبحانه : ( وَلَنْ
ــــــــــــــــــ
١ ـ الكشاف : ٣/٢٦١.
٢ ـ الميزان : ٢٠/٤٦ ، والمعنى الأوّل الذي قال به صاحب الكشاف أظهر لما في الآية التالية من قوله : ( وهم سالمون ).
٣ ـ النساء : ٣.